الدفاع المشروع
القضية الكردية والدفاع المشروع
الدفاع المشروع
عبد الله أوجلان
منشورات اكاديمية عبد الله أوجلان للعلوم الاجتماعية
القضية الكردية والدفاع المشروع
ما من شك في الوجود الدائم لأقطاب المقاومة ضمن الواقع الكردي أنطولوجيا، ومنذ ولادته الى يومنا الحالي؛ مثل ما العمر عليه في كل ظاهره اجتماعيه عالميه. فالمحدد حتى في الكيانات العشائرية والقبلية الاولى هو الفعل المنعكس الالي لحماية الذات ازاء مخاطر المجموعات المضادة ومهالك الظروف الطبيعية. اي انها فكره وتنظيم الدفاع البدائي. والشروح الدار وينيه لا تعكس الحقيقة في هذا المضمار، بل تحرفها. فالجانب المعين في التشكيلات العشائرية والقبلية ليس اواصر القرابة والدم. بل هو تمكين الحماية تجاه المخاطر، والتناسل، وتامين المزيد من المأكل. وتؤيد البنية المقاومة والمنتجة والمتوالدة ضمن الثقافة العشائرية والقبلية للواقع الكردي صحة هذه الفرضية بما لا شائبه فيه. هذا ويسري الامر عينه على علاقة الثقافات المذهبية والطرائقيه المتشكلة لاحقا مع نمط المجتمع في المقاومة والانتاج والتناسل السليم بحالته الصافية. فالتحول الى مذاهب وطرائق يتحلى بدور مهم في حماية المجتمع وتامين ديمومة وجوده وإبقائه حرا في وجه بؤر السلطة الداخلية والخارجية والسيطرة المفسدة للمدينة وللتحول الطبقي. ولأنها هكذا، فقد سعي الى القضاء على تلك المذاهب والطرائق، او الى دس العناصر المتواطئة فيها، سعيا لثنيها انا اهدافها في تحقيق وتكريس المقاومة والوجود والحرية. اكتشفت هجمات القرنين الاخيرين المتصاعدة مع الحداثة الرأسمالية طابعا مختلفا. حيث ان انظمه حماية الوجود واليات الدفاع الذاتي، التي طورها الكرد على شكل وحدات عشائرية وقبليه اعتمادا على المناطق الجبلية التي قطنوها منذ العصور الأولى، لم تف بالغرض مقابل وسائل الهجوم المعتمدة على النظام الرأسمالي. ولأول مرا تبدأ خطر خسرانها لوجودهم. ذلك ان بنية الدولة القومية في الحداثة الرأسمالية لم تسفر عن فقدان الكرد لحرياتهم فحسب، بل وآلت الى مواجهتهم مخاطر فقدانهم لوجودهم ايضا. في برنامج ممارسه خلق” لغة واحده” “وأمه واحده” ” ووطن واحد” ضمن نفس الحدود السياسية، قد افرز معه مواجهه اللغات والامم والاوطان الاخرى في تلك الحدود لمخاطر الانكار والإبادة. لقد اخضع الكرد لماذا والانكار على يد الدولة القومية ضمن كافة اجزاء الوطن التي عانوا الانقسام عنوة ضمنها. فقد جعلت الدولة القومية المدعومة من القوى المهيمنة تصفيه الكرد وكردستان سياسة اساسيه لها. وعندما انكسرت شوكه المقاومة حصيلة نقص الدفاع الذاتي، اتت دور على هدم المجتمع وصهره بغية تصفيته وحسم امره. وعليه، فحركه pkk، التي ولدت كرده فعل على هذا السياق الممارس بكل حدته، هي اساسا ومنذ بدايتها حركه دفاع ذاتي عن الشعب الكردي. فحركه الدفاع الذاتي، التي كانت تمارس بدأيه على الصعيدين الايديولوجي والسياسي، قد انتقلت خلال فتره وجيزة الى طور دفاع ذاتي يعتمد على العنف المتبادل. بمعنى اخر، فالكفاح المسلح المرتكز الى حماية وجود الكوادر والمؤيدين بأدي ذي بدء، قد اتسع نطاقه مع حمله 15 اب 1984 ليشمل الشعب ايضا. لا الدول تزول من الوجود في يوم او 10 سنين ولا مواقف الشعوب الديمقراطية يمكن قطعها من جذورها او تغريبها عن ترابها. وبما ان الحروب الدائمة تجلب الدمار الكبير للطرفين معا، فالطريق الوسط يتمثل في رجحان كفه العيش المشترك، واللجوء الى مبدا الحرب حيث تدعو الحاجة فقط. وفي المرحلة المقبلة، علينا التمكن من ضبط الحياة والصراع بموجب هذا المبدأ، في كافة مناطق كردستان. لا جدال في ان الدولة ستنجح في البداية الى تطبيق مبدا “اما الكل، والا فلا “. لكن، بالإمكان افراغ جميع الهجمات من محتواها بالمقاومة الديمقراطية المرتكزة الى الدفاع عن الذات. وايجاد سبل ذلك يجب ان يكون من اولويات مهام نضالنا الديمقراطي وحربنا في الدفاع عن الذات. لقد عشنا مرحله كهذه قديما. لكن الاعتراف المعنية خرجت عن اصول الحرب، مثل ما لم تجرب الاتسام بالديمقراطية. وما تشهده المسالة الفلسطينية- الإسرائيلية اليوم، هو مثال اخر على هذا الوضع. لكن عدم تكرار مثل هذه الأمثلة يحوز بأهمية قصوى. هذا ومن الأهمية بمكان تحديد فرق اخر لقضية الثورة، معني بنمط الحياة والممارسة. فبقدر ما يكون السقوط في المقاربات المنادية بالتقدم المستقيم امرا خاطئا، فان تجذير التمييز بين النظرية والممارسة العملية يقضي ايضا الى ممارسات خاطئة. ينبغي الادراك على أفضل وجه انه ما من انماط حياه مختلفة بشأن ما قبل الثورة وما بعدها، وخاصه بالنسبة للثوري. فالتحول الى انسان عملي يتم بالتوازي مع التعبئة النظرية. ولا تطلق صفه الثوري على من لا يترجم المزايا الأخلاقية والسياسية والديمقراطية الى قول وفعل في حياته اليومية. ولا يمكن ان تكون هناك حياه ثوريه نضاليه لا مثال هؤلاء. علاوة على انه من المستحيل التحول الى انسان عملي بالميل الى المقاومة او الى حماية المجتمع بأسلوب الدفاع الذاتي فحسب. اذ ما من فرصه للنجاح الدائم في اي شكل من اشكال حرب الدفاع الذاتي والمقاومة، ما لم يتم توحيدها مع عمليات بناء المجتمع الاخلاقي والسياسي والديمقراطي. فكيف ما ان قضايا المجتمع تقتضي التكامل الكلياتي، فمن الضروري للثورة او الثوري ان يحيى ويطبق المنهاج السياسي والاستراتيجية المخطط التكتيكي بشكل متداخل في جميع اقواله وافعاله. ذلك ان الحياة كل متكامل ضمن تدفقها. وعلينا ان ألا نعتقد بإمكانيه عيشنا اياها على شكل مراحل متقطعة منفصلة. وإذا كنا سنستخلص العبر من بعض الأمثلة التاريخية، فعلينا الادراك ان امثله زرادشت، موسى، عيسى، ومحمد تعليميه وناجعه الى اخر درجه في هذا الصدد. فهذه الأمثلة تنبهنا قبل الاف السنين حول الثورات والثوار الذين تم تصورهم داخل مجتمعات الشرق الاوسط، وحول ضرورة ان يكونوا متكاملين، سريعي الوتيرة، مبتدئتين وعمليين. يمكن لثورات الشرق الاوسط ان تحرز النجاح، ليس بموجب قوالب الحداثة الرأسمالية، بل بما يناسب قيمها التاريخية، ولكن مع الالتحام بالعلم المعاصر. يجب التفكير 1000 مره قبل القيام بعمليه واحده قد تؤدي الى حدوث نتائج كبيره مثل التمردات والكفاح المسلح ،فاذا تم اللجوء الى التمرد والكفاح المسلح دون وضوح نقاط مثل: لماذا ولاي هدف وضد من وكم من الزمن ستستغرق وكيف وبواسطه من سيتم التنفيذ، واذا لم يتم تجنب عمليات القتل والانحرافات فانه لا يمكن تجنب الفشل، ولكن اذا تم سد جميع الطرق المؤدية الى الحياه المشروعة والتحرر، واذا تم انتهاك الحقوق ،واذا تم فرض الموت بلا وجه حق على الاشخاص والثقافات وعلى الشعوب ،فسيتم اللجوء الى حق الدفاع المشروع، ليس على اعتبار ان التمرد والكفاح المسلح اصبح ضرورة فحسب، بل لأنه يتم التعبير عن هذا الحق في الدستور وفي الحقوق الكونية، ان هدف الحرب التي تكون على شكل تمرد مسلح او حرب كريلا هي مقاومه حتى تتحقق متطلبات الحقوق الكونية ،والتعبير الدستوري لهذا الكلام كما ورد في قوانين هيئه الامم المتحدة يتضمن استخدام حق المقاومة المقدسة للشعوب صاحبه الحقوق الديمقراطية والمواطنة الحرة باعتبارها شكلا مشروعا للنضال وذلك حتى يتم تنفيذ ضرورات” حقوق الاجيال الثلاثة” المقبولة من قبل الكثير من الدول بما فيها تركيا، وهي ملزمه بتطبيقها، وعدم اللجوء الى هذه المقاومة يعني عدم الايمان بالديمقراطية وعدم تنفيذ مقتضيات الحقوق ،وهذا يعني عدم القيام بالمهام التي تقتضيها دوله الحقوق الديمقراطية، ويجب القيام بالنقد الذاتي ضمن هذا الاطار.