الأمة الديمقراطية
تتحقق تغيرات هامه في الحياة الاجتماعية خلال سياق التحول الوطني الديمقراطي.
الأمة الديمقراطية
الامة الديمقراطية والحياة الاجتماعية:
تتحقق تغيرات هامه في الحياة الاجتماعية خلال سياق التحول الوطني الديمقراطي.
حيث تطرأ تغيرات كبيره على الحياة التقليدية في ظل الحداثة الرأسمالية، ويشهد المجتمع القديم تحولات جذريه. وتفرض الحداثة حضورها بالأكثر ضمن التغيرات الجارية في الحياة الاجتماعية، والتي غالبا ما تكون شكليه ومعنيه بالموضة والازياء هذا وتستمر المعايير الاساسية للمدنية بوجودها. اي ان تطور المدينة والطبقة والدولة وتحولها ليس معنيا بالمضمون. بل يظهر تورم ضخم في تلك المستويات الثلاث. حيث ان بنية المجتمع المدينة والطبقية الدولتية تتعرض لتضخم سرطاني مع نظام التكديس الرأسمالي. الى جانب اتصاف نظام المدنية القديم من جهة الجوهر ببنيه تفضي بها تناقضاتها الى ازمات متعاقبة، الا ان تلك التناقضات ليست من النوع الذي يعرض تقديم المجتمع للمخاطر كليا”، او يقوضه ويفككه، او يتسبب بتورم من النوع السرطاني في انسجته. لكن طراز التكديس في الرأسمالية، وبحكم طبيعته يحول التعاظم الاجتماعي الى نمط سرطاني كي يتمكن من تفعيل ذاته. فاذا كنا شاهدين على سلطه الدولة القومية المتسربة حتى ادق الاوعية الشعرية المجتمع، وعلى التمايز الطبقي اللاهث وراء المجتمع المتجانس الرتيب داخل المدن العملاقة التي يناهز تعداد سكانها ال 20 مليون نسمه في راهننا؛ بل وإذا كنا نعتبر ذلك امرا طبيعيا بصفته نزعه سائدة في الحياة الاجتماعية؛ فهذا ما يسمى بالإصابة بمرض السرطان الاجتماعي. وكل الدلالات العلمية تشير الى استحاله تحمل كوكبنا والبيئة والمجتمع ذاك التضخم الجاري بهذه الوتيرة. وفي هذا الحال، ينبغي علينا الحديث عن وحش يفترس كل ما تقع عليه عينه، لا عن مجتمع يعيش. فبينما كان اللوثتان في المجتمع القديم نعتا يطلق على سلطه الدولة، فقد تحولت الحداثة الرأسمالية بذات نفسها في حاضرنا الى وحش يستنفذ كل اشكال الحياة الحية. اي ان الحداثة الرأسمالية بذات عينها وحش كاسر، ولويا ثان عصري.
لقد تحولت الحياة العصرية السائدة الى فخ يحيط كليا بالمرآه التي هي أقدم عبد. حيث زجه المرآه في عهد الرأسمالية في وضع سيكون من الصائب تماما وصفها (بملكة السلع). فهي ليست يدا عامله مجانية وحسب، بل هي أرخص يد عامله، واداه رئيسيه لتخفيض الاجور. انها العنصر الاول في لائحة التشغيل المرن، والة صناعيه من منجبه تضخ الاجيال الجديدة لنظام القائم. وهي تاج راس صناعه الدعاية، وسيله تطبيق السلطة الجنسية. كما انها اداه اللذة والسلطة اللامحدود تين جميع الرجال التسلطيين، بدعة من الامبراطوري العالمي الى الامبراطور الصغير داخل الأسرة. وهي المادة الشيء التي تمنح السلطة لمن لا سلطه له البتة. هذا ولم تستثمر او تستغل المرآه في اي مرحله من التاريخ، بقدر ما هي عليه في عهد الحداثة الرأسمالية. ونظرا لكون العبوديات الاخرى_ عبودية الطفل والرجل_ تصاعدت باقتفاء أثر عبودية المرآه، فما فرضته الرأسمالية على الحياة الاجتماعية فيما عدا طبقه الاسياد، هو استعباد الجميع وتصييرهم اطفالا. بمعنى اخر، فألحياه الاجتماعية في مجتمعنا الحالي قد حولت الى طفل اشبه بالعجوز الصائر طفلا من جهة، وجرى تأنيثها من الجهة الاخرى. وتتجلى هذه الحقيقة في عباره هتلر التي قال فيها (الشعوب والمجتمعات كالنساء، تحب الطاعة وتلقي الاوامر). اما العائلة المتكونة حول المرآه، والتي تعد من أقدم واعرق مؤسسات المجتمع؛ فتعاني الانحلال بالمتحور حول المرآه ايضا، ولكن بصوره تامه هذه المرة. وما يفتت العائلة هو نمط التراكم في الرأسمالية. وكيفما ان هذا النمط يتحقق تناسب مع مدى استهلاكه المجتمع، فان النتيجة المتوقعة من جانب اخر، هي انه لن يستطيع استنفاذ المجتمع وتذريه، الا تناسب مع مدى تفكيكه للأسرة، التي هي خليه اوليه في المجتمع. مهما تم الارتقاء بمستوى التقدم الطبي، فسيظل عاجزا ان وقف تعاظم الامراض المستشرية بين صفوف المجتمع كالتيهور. والتقدم الطبي بذاته برهان قاطع جدليا على مدى تطور الامراض ايضا. ثاني نتيجة مهمه يتوقع حدوثها، هي تسبب النظام الرأسمالي بإغراق افراد المجتمع ايضا بالأمراض العصبية والسرطانية، نظرا لاتسام بنيته هو بمثل هذه الامراض. فالقومية والدنيوية والسلطوية والجنسية جينات عقليه وعاطفيه في الرأسمالية، تنتج الامراض على الدوام، سواء مؤسساتيا او فرديا. وما الامراض البنيوية المتزايدة سوى مؤشر على وجود الامراض الذهنية والنفسية، وهي خلاصه طبيعية يؤول اليها المجتمع الذي قامت الرأسمالية بتفكيكه ومبعثرته.
ان النظام التعليمي في الحياة الاجتماعية العصرية مكلف بتنشئة نمط فردي مضاد للروح المجتمعية. هذا وتطبق الحياة الليبرالية الفردية وحياه مواطن الدولتية القومية بعد منتهجتهما وضبطهما بموجب تلبيه احتجاجات الرأسمالية، فشكلت صناعه باهره لهذا الغرض، أطلق عليها اسم (قطاع التعليم والتربية). ويتعرض الفرد للقصف ذهنيا وروحا على مدار الساعة ضمن هذا القطاع، كي يتحول الى موجود مناهض الاجتماعية. هذا وقد جرد هذا الفرد من كينونته الأخلاقية والسياسية. كما وتفسد طبيعة المجتمع وتخرب من الجذور عن طريق الافراد الصائرين هرعين وراء الاستهلاك مولعين بالمال والجنس، شوقيين، ومتملقين بالسلطة. بمعنى اخر، التعليم والتدريب يوظف في تدمير المجتمع، لا في سبيل تفعيله بصوره قويمه وسليمه. من هنا، الحقيقة التي اثبتتها التحليلات التي بالوسع الاستفاضة بها بشأن الحياة الاجتماعية، هي وصولها حد (المجتمع او العدم).
حياه الانسان ذات طابع اجتماعي قبل كل شيء، أيا كان الدجل المحاك باسم العلمية على ضوء خدمه مصالح الرأسمالية. ذلك ان المجتمع كان موجودا حتى قبل ظهور الدولة والرأسمالية. وبالمجتمع غدا الانسان انسانا. ولولا مجتمع الكلان البسيط الذي لا نعجب به، والذي دام ملايين السنين، والذي هو أقرب الى ان يكون عائله بسيطة؛ لما كانت ستكون المدنية او الطبقة او الدولة او المدنية. بل بالعكس، ان الكيان الذي طور هذه الظواهر بالذات هو المجتمع. وعليه، ما من شيء يستطيع بلوغ مكانه المجتمع في حياه الانسان. والتراجع على المجتمع يعني التجرد من كينونة المجتمع والتخلي عن الإنسانية وكينونة الانسان. لذا، فان الامه الديمقراطية تصر على البقاء مجتمعا اولا، وتنتصب في وجه الحداثة الرأسمالية بشعار (المجتمع او لا شيء). اي انها تصر على ثبات وسيرورة المجتمع المفكك بين عجلات الحداثة، وعلى احيائه كواقع تاريخي _اجتماعي.
الامه الديمقراطية عصرانيه بديله يتحقق فيها الفرد المواطن الحر. وهي المجتمع البديل ازاء التهميش الاجتماعي، والمجتمع الديمقراطي مقابل مجتمع او لا مجتمع السلطة والدولة، والمجتمع الذي يتوصل الى النشوء والتواجد الحر والمتساوي ضد الاستهلاك الاجتماعي الذي تمارس فيه وترسخ شتى اشكال العبودية واللامساواة. بإمكاننا بلوغ هذه التعاريف بكل يسر، لدى تقييمنا الامه الديمقراطية على صعيد الحياة الاجتماعية فكينونة مجتمع الامه الديمقراطية، هي اول شروط العيش كمجتمع سليم قويم. وهي تعيد المجتمع الذي استهلكته الدولة القومية الى أصله. والمجتمع السليم ينشئ فردا سليما. والفرد الذي ينعم بالصحة الذهنية والروحية، تزداد مناعته ومقاومته. ازاء الامراض الجسدية التي تغدو قليله. ونظرا لتطلع مفهوم التعليم والتدريب في الامه الديمقراطية الى المجتمعية والفرد المواطن الحر، فانه يعاد بناء تطور الفرد بالمجتمع والمجتمع بالفرد الى ديالكتيكية”، وابراز دور العلوم الذي يفضي الى النعيم بالمجتمع والحرية والمساواة مجددا. وهكذا، فالأمه الديمقراطية هي روح القومية في المجتمع الذي اكتسب الوعي السليم والصحيح بحق نشوئه. يعد KCK ضمان حياه الفرد الحر والمجتمع الديمقراطي، انطلاقا من دوره الذي يؤديه باعتباره العمود الفقري في تصفير المجتمع الكردي امه ديمقراطية، بعدما اوصلته الحداثة الرأسمالية الى عتبه الإبادة والافناء. انه الوسيلة الأولية لتحلي الفرد والمجتمع الكرديين بوعيهما لوجودهما الذاتي. هذا ويؤمن إدراك المجتمع لحقيقته وواقعه، تطويره الاخلاقي والسياسي. ذلك ان الامه الديمقراطية في عصرنا تدل على المجتمع الذي أدرك وجوده ونشوؤه، وتسلح بوعيه ذاك في الذود عن ذاته. والمجتمع الكردي المطوق بنير الإبادة الثقافية على يد الدولتية القومية، لن يتمكن من تخطي نظام الانكار والإبادة المفروض عليه هذا، الا بالتحول الى امه ديمقراطية. بمعنى اخر، فالأمه الديمقراطية وKcK والفرد الحر كل لا يتجزأ.
الحياة الندية الحرة في الامه الديمقراطية:
جميعنا نعلم انه لكل حياه حيه ثلاث وظائف اوليه، الا وهي تامين الغذاء وامن الوجود وسيرورة النسل، لا يقتصر ذلك على الوحدات البيولوجية التي نسميها بالحياة الحية وحسب، بل ولكل تكوين كوني يتمتع بالفاعلية الحيوية الخاصة به وظائف اساسيه مشابهه، ولكنها تبلغ مستوى مختلفا لدى الانسان. حيث يحرز الواقع الميداني مستوى من التقدم ضمن المجتمع البشري، بحيث قد يتسبب في القضاء على وجود كافة الكائنات الحية الاخرى، فيما لو ترك لفطرته دون ضبط او ردع، وفي حال وقف سير الكون الحيوي في عتبه محددة، فان استحاله سيرورة النوع البشري تتحقق حينها تلقائيا. وهذه مفارقه جاده. ففي حال استمر تعاظم التعداد البشري الذي قارب السبع مليارات نسمه منذ الان بهذه الوتيرة، فسيجري تخطي العتبة البيولوجية في قضون فتره جد وجيزة، لتتبدى استحاله سيرورة الحياة البشرية. مواقع الانسان هو الذي يؤدي الى هذا الوضع. وعليه، ينبغي وقف هذا التعاظم البشري المفرط، قبل ان يبلغ نفس الواقع تلك العتبة البيولوجية. النشوء والتكاثر حدثان مثيران. والاله التي يمكننا تسميتها بعقل الطبيعة، تقوم بدور موازنه دائمة، مؤمنه بذلك التوازن بين النشوء والتكاثر. الا ان واقع الانسان يتحدى هذا التوازن لأول مره. وفي الحقيقة، فمصطلح التأله هو وليد هذا الواقع. فالإله في واقع الامر انسان لا يعرف حدودا. بمعنى اخر، الخصائص الواقعية والعقلانية للإنسان قد افضت الى تشييد صروح الإلهة والاديان والأنظمة الخلاقة الاخرى. لجوء الكائن وحيد الخلية بشطر نفسه والتكاثر فورا تحاشا للزوال والعدم، امر مفهوم على صعيد سيرورة الحياة، وفطرة التكاثر لدى كل وحده حيه وصولا الى مرتبه الانسان، هي تعبير عن الرغبة في حياه خالده، والتطلع الى حياه ابديه، هو رغبه لا تزال مجهولة وغير مدركه، ومهاره الادراك هذه جد محدودة. اما مدى ضرورة او عدم ضرورة إدراك رغبه الحياة تلك، فهو نقاش مختلف. لكن، وبعد أدراك تلك الرغبة، تفهم ايضا استحاله وصول معنى الحياة بالتناسل. فحياه انسان ما، مطابقه لحياه ملايين الناس. بالتالي، ومثلما لا يقوم التكاثر بإضفاء المعنى على الحياة، فربما يتسبب ايضا بتحريف او اضعاف قوه الوعي البارزة الى الوسط. اما وعي الذات، فهو نشوء رائع في الكون، دون أدنى ريب. ولم يحط بشرف الألوهية عن عبث. هذا ويستحيل ان يكون التناسل مشكله اوليه بالنسبة الى الانسان، بعد ان يبلغ قوه إدراك نفسه. بمعنى اخر، فتناسر الانسان الواعي لا ينحصر في الاخلال التوازن على حساب كافة الكائنات الاخرى، بل ويحيط قوه وعي الانسان ايضا بالمخاطر. زبده الكلام، محال ان يشكل التناسل قضية اساسيه لدى الانسان الواعي، حيث بلغت الطبيعة مستوى من الرقي في الانسان، بحيث اخرجت سيرورة نسله من كونها قضية اشكاليه. قد يقال ان غريزة التناسل باقيه في الانسان كاي كائن حي اخر، وستظل مستمرة لديه. هذا صحيح. ولكنها غريزة متناقضة مع قوه الوعي. وعليه، يغدوا لا مفر من ايلاء الأولية بالوعي. ولان كان الكون قد بلغ قوه المقدرة على امتلاك الوعي بادراك نفسه لأول مره وعلى اعلى المستويات متمثلة في الانسان على حد علمنا، فلربما كان المعنى الحقيقي للحياة نفسها هو الشعور بالحماس العنفواني جراء ذلك، اي إدراك الكون. وهذا بدوره ما مفاده تجاوز دوامه الحياة _الموت. وما من غبطه او عيد خاص بالإنسان أعظم من هذا انه ضرب من ضرب بلوغ النير فانا والفناء في الله والوعي المطلق. وفيما وراء ذلك، لا يبقى داعي لمعنى الحياة، ولا السعادة!
يتبع…