الحياة الندية

_لأجل ذلك يتوجب الكفاح ذهنيا” ومؤسساتيا” تجاه السلطة  المهيمنة  للرجل الحاكم،  وضمان نصر هذا الكفاح ذهنيا” ومؤسساتيا” على صعيد الشراكة والندية الحرة حيث محال تحقيق الحياه الندية الحرة، ما لم يحرز هذا النصر والنجاح الموفق.

الحياة الندية

من أبعاد الأمة الديمقراطية

منشورات لجنة بحوث العلوم الاجتماعية

 

وتقتفي اثر نشوء الكائنات الحيه الاخرى التي على سطح الكوكب.  ذلك ان مستوى الحرية  الذي حققه المجتمع عالميا”،  يجعل من الحياه الحرة مع المرأة  ضرورة اضطرارية .  والاشتراكية  الحقة لن تشاد الا بالتأسيس على أرضية  الحياة  الحرة مع المرأة وأسبقية الاشتراكية  وليس بعديتها  تقتضي بلوغ هذا المستوى بكل تأكيد.

_لأجل ذلك يتوجب الكفاح ذهنيا” ومؤسساتيا” تجاه السلطة  المهيمنة  للرجل الحاكم،  وضمان نصر هذا الكفاح ذهنيا” ومؤسساتيا” على صعيد الشراكة والندية الحرة حيث محال تحقيق الحياه الندية الحرة، ما لم يحرز هذا النصر والنجاح الموفق. _يجب قطعيا” ان لا ينظر الى العيش مع المرأة على انه بغرض إدامه الغريزة الجنسية تكرارا” ومرارا”. حيث ليس بالمقدور بتاتا” تحقيق الحياه الندية الحرة من دون القضاء على حياة الجنسية الاجتماعية في جميع المجالات الذهنية والمؤسساتية والتي دامت طيل التاريخ المدنية وبلغت ابعادا مروعه مع الحداثة الرأسمالية.  فالعيش مع المرأة في كنف البراديغما والمؤسسات التي تراها ظاهره ملك وبضاعه جنسية، لا يدل على الانحطاط الاخلاقي الكبير فحسب،  بل وهو في الان عينه شكل الحياه القبيحة والخاطئة الى أقصاها .  وما من مثال على ظاهره اجتماعيه اخرى قادره في ظل هذه الظروف على تفسير المرأة وبالتالي الرجل والحط من شأنهما .

_حياه الشراكة الندية الحرة مع المرأة غير ممكنه ، الا في الظروف والاجواء التي ترفض فيها الملكية وتفند، ويكتمل تجاوز الجنسيوية الاجتماعية  المستغلة تماما”،  وتوطد فيها المساواة  الاجتماعية (تأسيسا” على الاختلاف والتباين).

_ حياة الشراكة الندية الحرة غير وارده الا مع المرأة التي لم تعد اداه لاستمرار النسل،  ولا عاطله عن العمل او يدا” عامله بخسة، ولم تعد موضوعانيةً شيئانية بل ذاتانية فاعله على جميع الصعد .

_ لا يتماشى او يتناسب المجتمع مع حياة الشراكة الحرة الا في ظل هذه الظروف ، ليتمكن بالتالي من التحول الى مجتمع حر تسوده اجواء المساواة.

_ حياة الشراكة الندية الحرة  وارده بين النساء والرجال الذين طوروا قيامهم البنيوية والعقلية في كنف الاوساط الاجتماعية الإيجابية .

يجب الادراك بأفضل وجه ان المدنية والحداثة المهيمنتين تحققان على خلفيه انكار الحياه الندية الحرة . وهذا ما افاده ان العشق صعب المنال بحكم استحاله تحقيق توازن القوى البنيوية والعقلية  بين الجنسين في آن معا” ،  باعتباره شرطا” اضطراريا” لا مناص منه على درب العشق الاجتماعي . بمعنى آخر،  لا يمكن للعشق ان يتحقق في اجواء الزواج الذي خسر طاقه المعنى لديه ،  وينتج بالتالي العلاقات العبودية  في كل لحظه ضمن اوساط مجتمع العبيد .

ولهذا السبب تحديدا” يلاحظ التأثير القاتل للسلطة المهيمنة والعصرية بالأغلب في الاجواء التي تغيب فيها الحياة الندية الحرة.

ولهذا السبب بالضبط فأن الحياه التي تستقبلها البشرية كمعجزه ساحرة جذابه تخسر في هذه الاجواء قيمتها السحرية ومعجزويتها ،  لتتحول الى كارثه تقابل بالانتحار والقهر والاسى ،  خاصه من قبل المرأة . ينبغي الاستيعاب بنحو حسن ان الحياة الندية  انشاء اجتماعي . وهي لا تتحقق بين الشخصيات الذكورية والانثوية ،  بل بين الانوثة والرجولة الاجتماعيتين المنشأتين . من هنا يلزم الادراك بأفضل الاشكال ان هذا الانشاء المهيمن قد اعطب قد اعطب كلا الجنسين ونالت العلاقة  بينهما نصيبها منه منعكسه بالتالي كعلاقه هيمنه وسيطرة  لا مكان العشق فيها .  ذلك ان الشرط الاساسي في العشق الإنساني، هو الإرادة الحرة المتوازية  بين الطرفين  .

تبقى المدنية والحداثة تاريخا على تناقض ومفارقه دائمين باسم العشق، نظرا” لجريانهما ضمن حياه مهيمنه ومؤسساتيه وأيديولوجيا حيث يكثر الحديث عن العشق، ولكنه لا يعاش البتة . لذا، فالآداب العالمية بأحد جوانبها عباره عن سرود مأساوية لحوادث العشق الصعب المنال  . كما ان الملامح التي تسرد كيف نشبت الحروب بسبب امرأة ،  هي برهان واضح على هذه الحقيقة .  وكأن كافة ضروب الفن اعتراف بالعشق الذي لا يطال .  بل حتى ان الاديان ضرب من اقدم المأثورات الفنية  المتأثرة  من الاعماق بالرغبات الجامحة الأحادية  الجانب والبعيدة  المنال في العلاقات بين الالهة  والالهات .  اما لجوء نظم المدنية  الى تقديس الحياه الندية  باعتبارها ساحة  “حياة  خاصة ”  فهو حكم الحقيقة الاجتماعية المقلوب رأسا” على عقب .

في الحقيقة،  فالنظر الى العام على انه خاص ، والى الخاص على انه عام انسب كثيرا” بالنسبة الى طبيعة المجتمع ذلك ان العلاقة في حياه الشراكة تتميز بخصائص تترك بصماتها على الخلفية الكونية  بكافه أواصرها الاجتماعية  من الأساس. وازدواجيه المدنية الشنعاء تماما” ، تتمثل في اعتبار هذه العلاقة الكونية  ظاهرة” منفردة” وسرية”

محضة فيما بين شخصين اثنين. وهذا هو احد الدوافع الرئيسية وراء كون المعارف السوسولوجية  بلا جدوى ولا قيمة .

وما المقولة التي تنسب الى سقراط ، والتي مفادها تجعل المرأة  الانسان فيلسوفا” او مجنونا”، وكذلك المثل الشعبي الذي يقول تجعل المرأة  الانسان وزيرا” او رذيلا؛ سواء اشاره اخرى الى ارتباط هذه الحقيقة مع الحقل العمومي. هذا والذهاب الى التمييز بين ساحة  “خاصة” واخرى  “عامة” هو من تحريفات الحداثة أصلا”.  حيث لا معنى لهكذا تمييز في المجتمع الأصل. والصحيح هو اشكال العلاقة الرئيسية والمعينة .

أول خطوة نخطو ها في المجتمع البشري باسم الحياة،  يجب ان تتعلق بالحياة  الندية  حيث ما من ساحة حياه تتسم في المزايا الرئيسية والمعينة  بقدر ما هي عليه هذه الساحة . اما اعتبار الاقتصاد والدولة  علاقه أساسية، فهو من تحريفات سوسيولوجيا الحداثة .  فالاقتصاد والدولة في نهاية  المطاف بمثابه وسيله للحياة الندية . اي ان هذه الأخيرة  لا يمكن ان تكون في خدمه الاقتصاد والدولة والدين .  بل العكس هو الصحيح .  اي يجب تسخير الدولة  والدين والاقتصاد في خدمه الحياه الندية . انطلاقا من ذلك فقد احتوى هذا الخلل سوسيولوجيا الحداثة  واحاط بها كليا”.

وكضرورةٍ من ضرورات هذا السرد بأكمله ، ينبغي ان تكون ساحه الحياه الندية اول ساحة  تخضع لمجهر العلم . فحتى ميثولوجيا العصور الاولى التي ينظر اليها بعين البدائية  للغاية ، وكذلك اديان تلك العصور لم تنطلق بنفسها من هذه الساحة عن عبث ،  بل بسبب عراها الوثيقة  مع الحقيقة  الاجتماعية . من هنا ، فالعلم الذي سيحاك حول الحياه الندية ، وبالأخص حول المرأة ، سوف يكون اول خطوة صوب السوسولوجيا السديدة . لا يقتصر الامر على السوسولوجيا فحسب بوصفها علما”، بل ينبغي ان تخطى الخطوة الاولى في جميع الميادين الفنية والفلسفية بالتمحور حول هذه العلاقة .  هذا ولا داعي ابدا” للقول بلزوم ايلاء الاولوية للأخلاق والدين أيضا” في هذه الساحة، بوصفهما حقلا” من حقول الفلسفة فالأخلاق والدين ملتزمان بهذه الساحة بما فيه الكفاية.

خلاصة؛  غالبا” ما يتبدى افلاس قوى السلطة والاستغلال المهيمنة في عصرنا من خلال تضعضع وانهيار ساحه الحياه الندية. لقد بات تاريخ العلاقة بين الجنسين في ادنى درجات الانحطاط والهشاشة ، اذ فقدت معناها ووطأت مشارف الاستهلاك والنفاذ بحيث لا يمكن العيش بها ولا من دونها .  لذا ، من لا يسند منطلق ثورته الى تحليل وضع هذه الفوضى العارمة ، لن يبقى امامه خيار سوى الاستمرار بالفوضى .            يتبع ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.