الأمة الديمقراطية

كتاب “الأمة الديمقراطية”للقائد عبد الله أوجلان يتناول فكرة الأمة من منظور ديمقراطي، حيث يدعو إلى تشكيل مجتمعات قائمة على التعاون والتعددية. يشدد على أهمية الهوية الثقافية والسياسية، ويرى أن تحقيق الديمقراطية يتطلب تجاوز النزاعات القومية وتعزيز الوحدة في التنوع.

الأمة الديمقراطية

منشورات مؤسسة العلم والفكر الحر في روج آفا

 

 

المدخل

تم طرح مصطلح الامة الديمقراطية للمرة الأولى من قبل القائد عبدالله أوجلان ، وهي كنموذج لحل القضية الكردية وجميع قضايا البشرية ، مقابل الدولة القومية ، التي لم تلب رغبات المجتمع وأصبحت عبئا” على كاهل المجتمع ، فالحداثة الرأسمالية والتي تمر بأزمة بنيوية بمرتكزاتها الثلاثة ( الدولة القومية -الصناعيون – الرأسمالية ) ، والتي تعد المسبب الرئيسي لأكبر الحروب في تاريخ البشرية والتي راح ضحيتها الملايين من البشر والحقت أضرار كبيرة بالبيئة والطبيعة وتسبب البطالة والفقر .العصرانية الديمقراطية هي الحل الأمثل كبديل للحداثة الرأسمالية ، والتي ترتكز إلى ( الامة الديمقراطية – الصناعة الأيكولوجية – المجتمع الديمقراطي ) :إن الامة الديمقراطية تركيبة جيدة وزبدة مركزة مستخلصة من جميع الحقائق والمقاومات ومن كافة الصياغات الكامنة في الاغوار الغائرة للتاريخ والمجتمعات بدأ من العقائد الإلهية الانثوية الاعرق قدما مرورا بالزرادشتية ووصولا الى الإسلام كما يتوجب إدراكها وتبنيها وتطبيقها  على ارض الواقع ، حيث أن جميع التعاليم الميثولوجية والدينية والفلسفية القديمة وكافة الحقائق التي يسعى علم الاجتماع المعاصر الى تعليمها إضافة الى ما تسعى حروب المقاومة والتمردات الى ذكرها من حقائق فرادى وجمعا كل ذلك يجد تمثيله في ذهن وبدون عملية إنشاء الامة الديمقراطية .وقد انطلقت في حراكي من هذا الواقع ومن الحقيقة التي تعبر عنه ليس أثناء انهماكي بخلق نفسي بين الحين والأخر فحسب بل يكاد يكون ذلك في كل لحظة أعيد خلق نفسي فيها وصولا الى  يومنا الحالي ، وهكذا فقد حققت مجتمعا” ذاتيا” بحرية وجسدتها بصورة ملموسة ، بتصييرها أمة (كردية) ديمقراطية ، وعرضتها عصرانية ديمقراطية منبسطة أمام البشرية جمعاء ،وامام شعوب وافراد الشرق الأوسط المظلومين والمقهورين على وجه الخصوص .

المجتمع

هو الطبيعة الثانية التي أبدعها الانسان عبر نضاله بملايين السنين رغم العوامل والظروف الضيقة التي واجهها وهذا

أيضا كالطبيعة يذخر بالقيم الغنية والخلاقة ، فالمجتمع هو عبارة عن مجموعة من العلاقات التي تؤمن للفرد أن يعيش كإنسان ع الآخر ، وهو البيئة – الوسط – التي تؤمن للفرد بقاءه ، عندما يكون عاجزا” ، والقوة تجاه ضعفه ،والحل عندما يكون عاجزا” ، والقوة تجاه ضعفه ، والحل عندما يكون في وضع تائه ، ولنعمم ذلك بمثال العصافير ترى بأن الطيران الجماعي هو الوسيلة الوحيدة لتبقى بأمان . النبات يجد بأن شرط بقائه في تنوعه وكثرته ، كذلك الانسان فإنه يرى بأن المجتمع هو المكان الأمثل الذي يضمن له شروط البقاء كإنسان .إذا المجتمع هو الوسط الذي يبنيه الإنسان بوعيه وعواطفه ،وافكاره ليعيش فيه مع الاخريين وهو العش الذي يبنيه الإنسان بيديه ، لكي يحس فيه بإنسانيته ، وينشأ وينظم علاقات مادية ومعنوية ، مع الإنسان الاخر حتى دون وجود الكائنات الأخرى .إذا المجتمع الإنساني هو عبارة عن نتاج تشكيل الاخلاق والسياسة ،هي التي أوجدت الإنسان بطبيعته الاجتماعية  يقول القائد آبو في هذا الصدد (يتكون المجتمع من السياسة والأخلاق بالإضافة الى الوسط أو البيئة الحاضنة لتلك التكوينة).

 

 

نشوء وتطور أمة الدولة

أن الثورات التي اندلعت في أوروبا في القرن الساس عشر ضد المونارشيات والاباطرة والسلالات المتمثلة ب (هابسبورغ –

فالوا – ستيوارت ) وإمارة أورانج في هولندا ، كانت ثورات شعبية تمثل المسحوقين وتهدف الى الحرية والمساواة .بدأت الثورة أولا” في هولندا والتي نشطت فيها التجارة والصيد والزراعة وبرزة فيها فلاسفة أمثال :(سبينوزا – ديكارت –اراسموس) ،لكن الطبقات المسحوقة والتي قامت بإشعال فتيل الثورة، لم تكن جاهزة سياسيا” وايديولوجيا” وتنظيميا” ،فقامت الطبقة البرجوازية الوسطى والتي كانت جاهزة ومنظمة بالسيطرة على الثورة وبناء الدولة القومية عام 1586م ،وتكرر نفس الشيء في بريطانيا أيضا” وتم بناء الدولة القومية فيها 1649م ثم اندلعت الثورة الفرنسية 1789م ضد الموناريشية المطلقة وانتهت بالجمهورية (الديمقراطية الاجتماعية الراديكالية ) .لكن نموذج اليعاقبة في فرنسا خيم على كافة الثورات في أوروبا ، والتي مثلت الثورة المضادة ضد الثورات الشعبية فالمسحوقين في فرنسا بدأوا بالثورة 1791م ضد حكم لويس السادس عشر والذي قام بدوره بالتحالف مع القوى الخارجية والاستنجاد بها ، وبسبب عدم جاهزية المسحوقين سياسيا” وتنظيميا” ، قامت البرجوازية الوسطى بالسيطرة على الثورة ولأنها قامت بعداء ومحاربة  الملك والقوة الخارجية ازدادت شعبية وراديكالية هذه القوة بقيادة ( روبيسبير ) وسيطرة على السلطة 1794م ، وبانتهاء ظروف الاحتلال تم القضاء على روبيسسبير زعيم اليعاقبة وتم بناء الدولة القومية الفرنسية. إذا” تلك الثورات كانت موجهة للقضاء على المونارشيات والاباطرة وبناء الامة الديمقراطية تم توجيهها عن طريق الليبرالية ببناء الدولة القومية والتي انتهت الى الفاشية والنازية .وبعدما فرضت الليبرالية والتي هي الأيديولوجية الرسمية للرأسمالية تسيطر على أوروبا بدأت بالتوجه نحو الشرق الأوسط وقامت بتجزئتها الى دول قومية صغيرة وأخضعتها لنفسها والدور الأكبر لبريطانيا واليهود لا يمكن التغاضي عن الدور اليهودي في بناء الدول القومية فبعد السبي البابلي الأول 700 ق.م والثاني 596 ق.م والثالث 70 م ، وانتشارهم في جمع انحاء العالم وفيما تمت حملات التطهير العرقية في أوروبا في القرن الحادي عشر والثاني عشر وطردهم من اسبانيا عام 1492م .قام اليهود بالتوجه نحو ( هولندا – بريطانيا – تركيا ) وبدأت الماسونية اليهودية بتجميع قواها والثأر من الدول الأوربية التي قامت بطردها وكان اول رد فعل هي تقوية محور ( هولندا -بريطانيا ) للسيطرة على العالم من الناحية المادية والمعنوية أما في السلطنة العثمانية تحرك اليهود على شكل قوتين ، الأولى تحالف مع البيروقراطية الألمانية والسلطان العثماني والثانية تحالفت مع الإنكليز ، وبهزيمة الالمان في الحرب العالمية الأولى تحول المحوران الى التحالف مع الإنكليز .بعد الحرب العالمية الأولى تكررت ظاهرة اليعقوبية في تركيا عام( 1919-1922 ) فالأقوام والفئات المختلفة في تركيا(الاكراد – الاتراك – الشيوعيين -………) انتفضوا في وجه السلطان محمد السادس ، فقام هذا السلطان بالاستنجاد وطلب المساعدة من القوى الخارجية مما أدى بروز الموقف الراديكالي لكمال أتاتورك تماما” كما حدث في فرنسا وبانتهاء ظروف الاحتلال انتهت راديكالية كمال وبدأت مرحلة ابعاد أصحاب الثورة .الحقيقيين إبتدءا   من تصفية مصطفى صبحي و15 من أعضاء حزبه في البحر ، ومن ثم تصفية ادهم شركس ومن ثم الإسلاميين الاتراك وأخيرا” الاكراد .علما” ان مؤتمر سيفر المنعقد في 1920م اعطى بعض الحقوق للأكراد ولاكن سيطرة التركياتية البيضاء بشكل كامل على السلطة ثم انعقاد مؤتمر لوزان 1923م ، وتم إلغاء هذه الحقوق أيضا” وتم تقسيم كردستان الى أربعة أجزاء وإلحاق كل من كركوك والموصل بالعراق وكان للإنكليز الدور الأكبر وبهذه الطريقة تم الموافقة على اعلان الجمهورية التركية النمطية ، واعتبر كل من يتواجد على جغرافية الاناضول وميزوبوتاميا تركيا” .ويجب عليه التخلي عن ثقافته ولغته وعاداته وتقاليده . واستمرت هذه المرحلة من عام 1925م والى الآن .

الديمقراطية

 

الديمقراطية هي نظام سياسي يخالف نظام الدولة وهي أدارة المجتمع لذاته بذاته دون الحاجة الى الدولة .فالدولة والديمقراطية تكونان على طرفي نقيض دائما فلا يمكن لدولة ان تكون ديمقراطية كذلك لا يمكن للديمقراطية أن تكون دولة أيضا” .دولة تستطيع ان تكون محترمة للديمقراطية ( الإدارة -التنظيمات- للشعب ) ، مثال في الدول الاوربية بعد الحربيين العالميتين وبعد تأسيس الاتحاد الأوربي توزعت الإدارة بين الدولة والشعب وتعرضت تلك الإدارة لضغوطات متكررة من الدولة وهذا ما يفسر عدم تخلي الدول الاوربية عن سياستها الامبريالية رغم التخلي داخليا” عن بعض امتيازاتها . باختصار الديمقراطية هي نظام الإدارة الذاتية للمجتمع الأخلاقي والسياسي وهي متناسبة عكسا” مع علاقاتها للدولة.

يتبع ..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.