خمسة من رفاقنا جسدوا بدمائهم روح الأخوة الكردية – العربية في جسر قرقوزاق

مرة أخرى أثبتت قواتنا، قوات سوريا الديمقراطية، لشعبنا وللعالم أجمع، قدرتها اللا متناهية على المقاومة والصمود في وجه أعتى الهجمات العدوانية، وتحقيق انتصارات باهرة يخلدها التاريخ في صفحاته الناصعة.

ومنذ البداية اعتمدت قواتنا على تفاني وشجاعة مقاتليها، فسطروا أروع الملاحم في ميدان المعارك، وتمكنوا من خلال تضحياتهم الكبيرة إحباط جميع هجمات العدو.

واليوم نزف لشعبنا كوكبة من رفاقنا ارتقوا إلى مرتبة الشهادة، بعد أن قاوموا هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته على سد تشرين وجسر قره قوزاق، وجعلوا من أجسادهم متاريس أمام هجمات العدو. ورفاقنا الشهداء هم “جيندا بوطان/ شهام إبراهيم – ديلان شورش/ جوليا إبراهيم – وطن دير الزور/ قاسم علي عيد – عكيد سري كانيه/ محمد أحمد – غريب حسكة/ لورنس الشلال”.

وأبدت مقاتلات وحدات حماية المرأة (YPJ) مقاومة تاريخية لا تلين في صد هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته، ومن بينها الرفيقتان “جيندا بوطان” و”ديلان شورش”.

ولدت الرفيقة “جيندا بوطان” في مدينة كوباني ومن عائلة وطنية ملتزمة بالثورة وقيمها، ورضعت منذ نعومة أظفارها الأفكار الثورية وآمنت بها. وبعد انتصار مقاومة كوباني ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في عام 2015، انضمت إلى صفوف وحدات حماية المرأة، وحققت مستوى عال من التقدم وحمل المسؤولية ضمنها، إضافة إلى تعمقها في المجال الفكري والسياسي ووصولها إلى مرحلة الاحترافية في المجال العسكري أيضاً. كانت الرفيقة “جيندا” دائماً في الصفوف الأمامية في الجبهات، تقاوم بكل إمكانياتها، حتى أنها أصيبت بجراح في يدها في “مقاومة الكرامة” في بلدة “كري سبي” عام 2019، إلا أنها واصلت كفاحها وتدريباتها العسكرية، وامتلكت شخصية قيادية طليعية في مجال التكتيك والإستراتيجية العصرية في الحروب.

شاركت الرفيقة “جيندا بوطان” في مقاومة جبهة قره قوزاق بشجاعة ومعنويات لا نظير لها، وكانت مؤمنة بانتصار المقاومة، فظلت تقاتل حتى اللحظات الأخيرة، دون أي تردد أو تراجع، وبهذا أثبتت مرة أخرى للعالم أجمع قدرة المرأة في صفوف وحدات حماية المرأة على المقاومة وتحقيق انتصارات تاريخية حتى على أعتى القوى الهمجية والبربرية. لم تدخر الرفيقة جهداً في تطوير قوات وحدات حماية المرأة، وتقديم المساعدة لرفيقاتها، فهي من كرست حياتها للثورة.

تنحدر الرفيقة “ديلان شورش” من عائلة وطنية لها باع طويل في الكفاح والنضال الوطني، حيث نشأت في مدينة حلب، والدتها من مدينة المقاومة عفرين، ووالدها من المكون العربي من مدينة الشدادي، حيث كان والدها يعمل ضمن صفوف القوات العسكرية، وكذلك اثنان من اخوتها، ونهلت من الفكر الوطني منذ نعومة أظفارها، فأثرت في تكوينها الفكري واهتماماتها مستقبلاً، ما دفعها لتنضم إلى صفوف قوات وحدات حماية المرأة (YPJ) بكل جرأة واندفاع، وترجمت حبها للكفاح من خلال عملها الدؤوب والمتواصل دون كلل أو ملل. فكان يُشار إليها بالبنان ضمن رفيقاتها. كما اكتسبت خبرات عسكرية كبيرة بعد أن التحقت بدورات تدريبية متتالية. أبدت الرفيقة “ديلان” بطولة فائقة في التصدي لهجمات الاحتلال التركي ومرتزقته على جسر قره قوزاق، وكافحت بنكران ذات عظيمة إلى أن ارتقت شهيدة في استهداف طائرة مسيرة للاحتلال التركي.

كذلك شارك رفيقنا “وطن دير الزور” في عدة حملات عسكرية لقواتنا ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، وأبدى مقاومة لا مثيل لها في المعارك. التحق رفيقنا أيضاً بعدة دورات تدريبية وتعمقت لديه الخبرات العسكرية وتوسعت مداركه الفكرية والسياسية، عكسها في حياته العملية من خلال الالتزام بالتعليمات والعمل بروح الجماعة. لم يتوانَ رفيقنا عن أداء واجباته المكلف بها، بل كنت تجده مقداماً إلى حمل أعباء حتى رفاقه، إلى جانب تحليه بروح التضحية والاندفاع للعمل. انضم هو الآخر إلى مقاومة جسر قره قوزاق وقاتل ضد قوات الاحتلال التركي ومرتزقته بشجاعة لا توصف، وظل يقاتل في الصفوف الأمامية حتى استشهاده. ولعل تضحيته لإنقاذ حياة الرفيقة “ديلان” بعد أن أصيبت في المعركة؛ تعد من أروع أنواع التضحية والوفاء للثورة ولرفاقه، فخاطر بنفسه وسارع في حملها على ظهره، إلا أن طائرات العدو الغادر استهدفت الاثنين، فوصلا إلى مرتبة الشهادة.

فيما رفيقنا “عكيد سري كانيه” هو الآخر ترعرع ضمن عائلة وطنية، وانضم إلى صفوف قواتنا في وقت مبكر، حيث تأثر كثيراً بأبناء عمومته الذين سبقوه في الانضمام إلى صفوف قواتنا. شارك رفيقنا في معظم الحملات العسكرية لقواتنا ضد المرتزقة وتنظيم “داعش” الإرهابي، إلى جانب تصديه لهجمات الاحتلال التركي في سري كانيه ومحيطها. امتاز رفيقنا “عكيد سري كانيه” بروح المبادرة واتخاذ القرارات الصحيحة في اللحظات الحاسمة، وجرأته الفائقة في التحرك خلال أوقات الحرب والسلم، إلى جانب روحه الرفاقية العالية، ما جعله ينال محبة جميع الرفاق الذين عملوا معه. لم يبخل الرفيق “عكيد” في بذل كل الجهود لتوعية رفاقه وزيادة خبراتهم، فكان بالنسبة لهم الرفيق والقائد والمعلم. انضم رفيقنا إلى مقاومة جسر قره قوزاق، وقاوم بكل شجاعة، حتى وصل إلى مرتبة الشهادة في استهداف غادر للطيران المسير للاحتلال التركي.

كذلك ينحدر رفيقنا “غريب حسكة” من عائلة وطنية. انضم إلى صفوف قوات “الكوماندوس” التابعة لقواتنا وشارك في عدة حملات ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، وأصيب في رجله في إحدى المعارك التي شارك فيها ضمن حملة “مطرقة الشعوب” في إعادة السيطرة على سجن الصناعة بحي غويران بمدينة الحسكة، ولكن تلك الإصابة لم تحده من مواصلة عمله وكفاحه ضمن صفوف قواتنا، بل زادته قوة وعزيمة. التحق رفيقنا بمقاومة جسر قره قوزاق وظل صامداً يقاتل بكل قوة إلى أن ارتقى شهيداً في استهداف عدواني لطائرة مسيرة للاحتلال التركي.

لم تؤثر جميع الدعايات المغرضة التي ينشرها العدو في إحداث فتنة وانقسام بين مكونات شمال وشرق سوريا، فحارب الكردي إلى جانب العربي والسرياني والأرمني، وأظهروا تلاحماً كفاحياً رائعاً في كل الحملات العسكرية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي والاحتلال التركي ومرتزقته، وخير مثال على ذلك ما جسدته مقاومات جسر قره قوزاق وسد تشرين. وقد عبر مقاتلونا ومقاتلاتنا عن صفاء الذهنية ووحدة الهدف في الحفاظ على أمن واستقرار مناطقنا ضد كل التحديات المحدقة بها. وكل من توجه إلى جبهات المقاومة لم يكن في تصوره غير الانتصار. والرفيقة جيندا كانت دائماً تقول “يجب عليكم ألا تنظروا وراءكم، بل انظروا أمامكم كي نحقق الانتصارات”، وبهذه الروح توجه الكل إلى جبهات المقاومة ضد العدو.

ففي العملية التي استشهد فيها خمسة من مقاتلينا؛ بداية استهدفت طائرة مسيرة للعدو اثنين من مقاتلينا، وعندما اتجه رفاق آخرين لإنقاذهم؛ تم استهدافهم مرة ثانية من قبل طائرة أخرى، فاستشهد الرفاق الخمسة. وهذا مثال ساطع على روح التضحية لدى رفاقنا؛ حيث لم يقبل أحد على نفسه بأن تترك جثامين شهدائنا الطاهرة بيد الأعداء، ولو كلفهم ذلك حياتهم، فتوجهوا بكل شجاعة لإنقاذهم، ودون خوف أو تردد، رغم أن المنطقة كانت تحت سيطرة العدو وكان مدركين أن إنقاذ رفاقهم يمكن أن يكون سبباً في استشهادهم أيضاً. فعندما تصاب الرفيقة “ديلان” بجروح؛ يهرع الرفيق “وطن” إلى إنقاذها، على الرغم من أن الرفيق “وطن” كان مصاباً في ظهره بطلقة دوشكا وكذلك في رجله، ووصل إلى الرفيقة “ديلان” وحملها على ظهره، إلا أن الطائرة المسيرة للعدو الغادر استهدفتهم مرة ثانية فوصلا إلى مرتبة الشهادة. حقيقة يمكن القول بأنها ملاحم بطولية سطرها رفاقنا في جسر قره قوزاق، وأثبتوا مرة أخرى أن إرادتنا لن تنكسر بل ستنتصر، وخاصة في شخصية الرفيقة “جيندا” كقيادية عصرية لعبت دوراً كبيراً في مقاومة قره قوزاق، وعبرت عن الإصرار على المقاومة والانتصار، ومن خلالها يمكن فهم ورؤية الشخصية المؤمنة بأهدافها والتي لا تعيش الازدواجية وتضع تقييماً موضوعياً لقدرات العدو وكيفية النيل منه.

اتجه الرفاق لتنفيذ العملية إدراكاً منهم بأنها ضد قوات الاحتلال التركي وليس مرتزقته فقط، لأنه كان قد أنشأ نقاطاً له. والهدف من العملية أن الرفاق لم يقبلوا بأن يقيم العدو نقاطاً له على أرضنا، ولم يقبلوا بالاحتلال، وقرارهم كان “إن تطلب ذلك سنضحي بأنفسنا”. واستشهادهم في ذات الوقت بمثابة نداء للشبيبة لأن يغدو كل واحد منهم حماة لهذه الأرض وللشعب.

من خلال مشاركة مقاتلين ورفاق من المكونين العربي والكردي، عبرت العملية بكل وضوح عن أخوة الشعوب والأمة الديمقراطية، إضافة إلى أنها قطعت الطريق على الانقسام الحاصل في الساحة السورية. ونداء الرفاق العرب كان بألا ينخدع أحد بالعدو، ويجب أن نفشل كل مخططاته في الاحتلال والاستعباد، وكذلك أثبت الرفاق الكرد ارتباطهم بمبادئهم وأهدافهم ومهما كلف الأمر، وأنهم حتى النهاية سيصبحون جزءاً لا يتجزأ من الوطن السوري، من خلال هوياتهم المستقلة والحرة.

إننا وإذ نعزي أنفسنا وجميع عوائل شهدائنا وشعبنا؛ فإننا في ذات الوقت نعتبر أن رفاقنا الشهداء في مقاومة جسر قره قوزاق وسد تشرين جعلوا من أجسادهم جسراً نعبر فيه إلى الحرية ولدحر كل هجمات الأعداء، ونجدد عهدنا لهم بمواصلة كفاحنا الذين دشنوه بدمائهم حتى تتويجه بالنصر المؤزر.

 

وفيما يلي سجل الشهداء:

1 – الاسم الحركي: جيندا بوطان

الاسم الحقيقي والنسبة: سهام إبراهيم

اسم الأم: كردستان

اسم الأب: إبراهيم

مكان الولادة: الرقة

مكان وتاريخ الاستشهاد: جسر قره قوزاق – بتاريخ 25 ديسمبر/ كانون الأول 2024

 

2 – الاسم الحركي: ديلان شورش

الاسم الحقيقي: جوليا إبراهيم

اسم الأم: أمينة

اسم الأب: نضال

مكان الولادة: حلب

مكان وتاريخ الاستشهاد: جسر قره قوزاق – بتاريخ 25 ديسمبر/ كانون الأول 2024

 

3 – الاسم الحركي: وطن دير الزور

الاسم الحقيقي والنسبة: قاسم علي عيد

اسم الأم: سعاد

اسم الأب: أحمد

مكان الولادة: دير الزور

مكان وتاريخ الاستشهاد: جسر قره قوزاق – بتاريخ 25 ديسمبر/ كانون الأول 2024

 

4 – الاسم الحركي: عكيد سري كانيه

الاسم الحقيقي والنسبة: محمد أحمد

اسم الأم: أمرا

اسم الأب: أحمد

مكان الولادة: سري كانيه

مكان وتاريخ الاستشهاد: جسر قره قوزاق – بتاريخ 25 ديسمبر/ كانون الأول 2024

 

5 – الاسم الحركي: غريب حسكة

الاسم الحقيقي والنسبة: لورنس الشلال

اسم الأم: خضرا

اسم الأب: محمد

مكان الولادة: الحسكة

مكان وتاريخ الاستشهاد: جسر قره قوزاق – بتاريخ 25 ديسمبر/ كانون الأول 2024

 

المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية

01 يناير/ كانون الثاني 2025

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.