الأهمية الاستراتيجية في بناء منظومة حماية المرأة:

يقول القائد الكونفدرالية الديمقراطية عبد الله اوجلان : “إنّ تاريخ عبودية المراة لم يدون بعد،،  لكن تاريخ الحرية لا يزال ينتظر التدوين”, ما يحصل الآن على هو تدوين هذا التاريخ بيد المرأة الكردية في وحدات حماية المرأة.

يقول القائد الكونفدرالية الديمقراطية عبد الله اوجلان : “إنّ تاريخ عبودية المراة لم يدون بعد …  لكن تاريخ الحرية لا يزال ينتظر التدوين”, ما يحصل الآن على هو تدوين هذا التاريخ بيد المرأة الكردية في وحدات حماية المرأة.

   يعد مفهوم الجيش من المفاهيم المتشعبة والتي تحتاج لتقييم جذري وموضوعي، فالجيوش المعروفة منذ نشأتها تعتمد على حماية النظم الدولتية، واضعة الحالة المجتمعية وفئات المجتمع على الهامش, وهذا ما يخلق بشكل دائم فجوة بين الفكر المجتمعي وتطلعاته وبين الجيوش التي تصنف نفسها كخط الدفاع عن الدولة حتى لو كان ضد المجتمع نفسه, لذا نجد حركات التمرد والعصيان الشعبية لا تكف عن اعلاء صوتها في وجه فوهة بندقية الجيوش التي تحمي الدولة على حساب كيانهم المجتمعي والإنساني.

لذا تدعوا هذه المعادلات المعقدة، الحاجة في نسف هذه المعطيات والظروف المفروضة على انفاس المجتمعات والتي يضعها في موضع المخنوق والتواق للتنفس والتعبير عن نفسه بشكل حر وديمقراطي، في ظل الأنظمة والدول التي تنتهج مبادئ أما الكل أو لا شيء, كان تجييش المرأة الكردية في روج آفا كناقوس يدق في عالم الظالم والمظلوم, حيث لم يكن تجييشا بمعناه المتداول والفظ, كما زاد على المجتمع النسوي مفاهيم جديدة لكيفية حماية النفس, وبمفاهيم غيرت نظرة المجتمعات للمرأة في مجال الحماية والدفاع باعتمادها على قوتها الذاتية.

كما أنَ المفهوم البديل الذي طرحته وحدات حماية المرأة كان كسر الصورة التقليدية في أبعادها ومنظورها المخالف في مسألة التجييش، وذلك بتحويلها إلى حالة عدمية في ظروف مسالمة، وكمنظومة للحماية والدفاع في حالات اضطرارية، وهذا بتبنيها نهج الدفاع المشروع بكافة مبادئه ومعاييره لحماية الذات والقيم المجتمعية. كما تستند في تطلعاتها على التوعية والتنمية في كافة المجالات الحياتية بمعايير أخلاقية وفلسفية تهدف إلى رفع الوعي المجتمعي . كما لا تقتصر في حمل السلاح كالخيار الوحيد حتى في الحالات الاضطرارية لمواجهة أي اعتداء خارجي.

. فما الذي أدى إلى التجرؤ على حذو خطوة كهذه؟! وعلى ماذا اعتمدت في خطواتها التاريخية هذه؟! فعزمها على تنظيم آمالها وتطلعاتها وجعلها مُلكاً لكل المجتمع، وعنادها في ذلك ساعد على احتضانها لكل الأخطار، أياً كانت حِدَّتها في سبيل تكريس هذا النشاط؛ وحتى تطوير أنشطة تجيش المرأة على نحو واعٍ ومخطط أكثر.

إذاً ما معنى المنظومة الدفاعية للمرأة ؟! لماذا دعت الحاجة إليها؟!

يتحتم النظرالى أهمية هذه المنظومة على أنها ضرورة قيّمة وأساسية لسيادة المساواة، حيث لا غنى عن تنظيم ومأسسة وحدات دفاعية على كافة الأصعدة وهذا لأجل تكريس الحرية، وتتسم هذه الخطوة بأهمية خاصة من حيث تحطيم القساوة والظلم في النظام الذكوري المهيمن ضمن حقيقة الجيش كأداة لتسيير الحرب ومن حيث الكشف عن القوة الذاتية للمرأة وإبرازها إلى الوجود. كما يعبّرعن موقف مختلف ومميز إذا ما نظرنا إليه من زاوية المعايير الدولية القائمة حالياً، ومقاييس الرجل والمرأة الكلاسيكية الرثة والأعراف والأحكام الاجتماعية السائدة، كذلك فأن هذه المنظومة تعبر عن وجود المرأة التي قضت على الاستعمار والاضطهاد الجنسي، وقطعت أواصر التبعية العمياء للرجل، واستهدفت الحرية لذاتها بدلاً من طراز الحياة التقليدية. فالتحرر الاجتماعي لن يتحقق بتأسيس المنظمات السياسية فحسب، بل يستلزم التنظيمات للحماية والدفاع أيضاً في مسألة التحرر الجنسي؛ إذ من الضروري، بل من الحتمي تأسيس منظمات ذات طابع النسوي ضد الحقيقة الذكورية التي تترك بصماتها على كل ميادين الاجتماعية.

إن جذب المرأة ضمن الواقع الشعبي المضطهد، إلى صفوف الحرب، وتأسيس وحداتها؛ إنما يدل على انطلاقة ثورية هامة تجاه كل المواقف والتقربات السائدة ، ذلك لأن الجوهر الأصلي لتجييشها هو اجتماعي، وحتى ثقافي، فلا يمكن حصر معنى تجيش المرأة بمواقف عسكرية ضيقة أو بمجرد التواجد في صفوف الحرب الساخنة، بل يستلزم الإدراك أن التطور في النواحي الأيديولوجية والسياسية والاجتماعية والثقافية هو الأرجح فيه، وكذلك مشاركتها في هذه الميادين. كما أن تجيش المرأة  ليس مصطلحاً فظاً، بل على النقيض، هو انتقاد حاد لمنطق التجييش البارز منذ نشوئه وحتى حاضرنا، فالجيش ذو الطابع الرجولي يذكّرنا على الفور بمصطلحات لها علاقة وثيقة بالاستعمار والنهب، من قبيل الضغط، الشدة، التحكم، الاستيلاء، أما تجيش المرأة فله دور بارز وحيوي في إضفاء لون المرأة وطابعها وجوهرها على الجيش الشعبي، وبالتالي فهي لإعاقة سيادة الخصائص الإقطاعية المتأتية من التكوينة الاجتماعية فيه ، وإكسابه جوهراً ثورياً تقدمياً هذا ما رسخته وجذرته ي ب ج في نضالها ضمن هذه السنوات.

أضحت تأسيس وحدات حماية المراة انطلاقة تاريخية مميزة ، ناطقة باسم إرادة الشعب والمراة ،  حيث اثبتت من المستحيل لثورة ما أن تنهار إذا ما أنشئت على أساس جوهرالمرأة ، لان غض النظر عن هذه الحقيقة لن يضيفِ الماهية الديمقراطية وروح الكومينالي.

تجيش المرأة هو تماماً نشاط أيديولوجي يتضمن في جنباته إكساب تكوينة أيديولوجية وتنظيمية جديدة،  للمؤسسة التي رسخ فيها نظام المجتمع الطبقي الذكورية المعتمد على الحاكمية الأحادية وتحصنه به، لإلحاق الضربة القاضية به ونزع أسلحته منه في النقطة التي تمثل ذروة قوته\ ومنعته.

النقطة الهامة الأخرى لتجيش المرأة هي؛ تغيير المنطق القائل بأن المرأة ضعيفة جسدياً. وبالتالي يمكنها فقط المساهمة في بعض الأنشطة بشكل محدود. فعبر تجييش المرأة تطورت لديها على الأقل فكرة “إذاً، أنا أيضاً يمكن أن أكون مسلحة، أبرز قوتي الذاتية للصمود والمسير، أستطيع التكلم، ويمكنني التحلي بالقوة.

لا شك في أن العسكرتارية واكتساب الخبرة والمهارة بالنسبة لل ي ب ج ليس بُعداً قائماً بحد ذاته ولا يحتل مرتبة الصدارة، إلا أنه يعد ساحة تكتسب أهميتها أكثر لتتسم المرأة مجدداً بالقوة التي تؤهلها لاسترداد وتطوير مهاراتها القتالية وفكرها وردود فعلها.

خرجت المرأة – حتى في أوساط المعارك– من كونها قوة يمكن سحقها بسهولة،  كما كان في الماضي، بل أصبحت قوة تنظيمية يهابها الجميع ويحسب لها الحساب أكثر من غيرها.

قد يرى البعض جذب المرأة إلى هذا نضال بعيد كل البعد عن حقيقتها و بأنه إجحاف شديد للوهلة الأولى!! لكن، وبالتوغل في أغوار المسألة والتمحص في ثمارها، سيرى ويُلاحَظ أن هذا النشاط استهدف الإطاحة بضعف المرأة الذي طالما تذرع به الغير للاعتداء عليها أو تطبيق المجازر الوحشية بحقها على مر التاريخ المديد؛ و كذلك للحد من الإجحاف والظلم التاريخي المطبقين عليها، حيث تحقق على أساس كشف النقاب عن القوة الذاتية لها بشكل خاص، وإسنادها إلى الكدح الذاتي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.