الأمة الديمقراطية
منشورات مؤسسة العلم والفكر الحر في روج آفا
الامة الديمقراطية وشبه الاستقلال الاقتصادي:
الدولة القومية هي اداه السلطة بيد الحداثة الرأسمالية لبسط حاكميتها على الاقتصاد المرتكز الى تحقيق الربح الاعظمي. فمن دون هذه الأداة، يستحيل انجاز الربح الاعظمي ومراكمه راس المال
الأمة الديمقراطية
منشورات مؤسسة العلم والفكر الحر في روج آفا
الامة الديمقراطية وشبه الاستقلال الاقتصادي:
الدولة القومية هي اداه السلطة بيد الحداثة الرأسمالية لبسط حاكميتها على الاقتصاد المرتكز الى تحقيق الربح الاعظمي. فمن دون هذه الأداة، يستحيل انجاز الربح الاعظمي ومراكمه راس المال. انها تعبر عن تامين اقصى درجات السلب الاقتصادي في تاريخ المدنية مبنيا على ركيزة شرعيه الى حد ما. من هنا، محال صياغة تعريف صائب للدولة القومية، ما لم يتم تحليل العلاقة الكائنة بين الربح الاعظمي وتقديس راس المال. هذا ولن يمكن تعريف الدولة القومية ايضا على انها بحد ذاتها نظام عنف وسلطه. اذ يستحيل تحقيق الحداثة الرأسمالية وما تنجزه من ربح اعظمي ومراكمه راس مال في الحقل الاقتصادي على وجه الخصوص؛ الا في حال فرز سلطه الدولة في هيئه دوله قوميه. وهذا ما يدل على ان سيطرة الدولة القومية على الحياة الاقتصادية المجتمع قد بلغت مرتبه الدولة الاكثر نهبا لفائض القيمة على مدى سياق التاريخ، وانه قد تحقق هذا النوع من الدولة فعلا على ارض الواقع. اما صقلها بالقومية والروحة الوطنية، وتأليهها عبر التعليم والتربية، وتسريبها الى ادق الاوعية الشعرية للمجتمع؛ فهو بهدف شرعنه نظام النهب والسلب الذي سلطته على الاقتصاد. في حين تنجر المصطلحات والنظريات والمؤسسات المطورة في مجالات الحقوق والاقتصاد السياسي والدبلوماسي وجميع المجالات الاخرى، وراء تامين الشرعية عينها لتصب في نفس المرمى. وتسيير ارهاب تعسفي ومجحف جنبا الى جنب مع تحقيق الربح الاعظمي في حقل الاقتصاد، انما يسلط على المجتمع عماله ماجوره مقابل شد الرمق من جهة، ويحول الغالبية الساحقة منه الى جيش من العاطلين عن العمل من الجهة الثانية. اي ان عبودية الاجر البخس، والجيش الضخم للعاطلين عن العمل، هما ثمره طبيعية للربح الاعظمي والدولة القومية والصناعوية. وبتعبير اخر، فان تحقيق هذه المرتكزات الثلاثة الاولية للحداثة الرأسمالية غير ممكن، الا بحرمان المجتمع من حريه التصرف بشأن الحياة الاقتصادية، والحكم عليه بالتخبط في العبودية المأجورة، وتحويل سواده الكاشح الى جيش من العاطلين عن العمل، والحكم على المرأة بالعبودية المجانية او متدنية الاجر. والعلوم الاجتماعية للرأسمالية عموما، وعلم الاقتصاد السياسي على وجه التخصيص، هي ميثولوجيات مرتبه بغيت اخفاء هذه الحقائق وتحريفها، وينبغي عدم الايمان بها اطلاقا، بالكشف النقاب عن وجهها الباطني لا محال. ربما تشكل كردستان والمجتمع الكردي أحد اندر الأمثلة في العالم، والتي تشهد قيام الركائز الأولية الثلاثة للحداثة الرأسمالية بعمليه بناء نظامها النهاب الذي يصل حد تسليط الإبادة الثقافية على الحياة الاقتصادية، وبتحويلها النساء والرجال العاملين بأدنى الاجور الى جيش ضخم من العاطلين عن العمل. لقد دارت مساعي دول القومية الحاكمية لإخراج كردستان من كونها وطنا، وذلك عن طريق شنها حربا خاصه احاديه الجانب بمنظور الإبادة الثقافية المستورة والدائمة. وتاريخ القرنين الاخيرين، هو في واقع الامر تاريخ اخراج كردستان من كونها وطنا تأسيسيا على ذلك، وتاريخ شهرها في بوتقة ظاهره<<الوطن الواحد>>الذي أطلقته الدول القومية المتحكمة بها. اما بالنسبة الى المجتمع الكردي، فهو تاريخ تركه معرضا لعمليات الشهر والمجازر، وتجريده من فرص العمل، الحكم عليه بأقل الاجور، تشتيته حصيلة انتزاع حريه التصرف بالحياة الاقتصادية من يده، تصيره ماده شيئانيه، واخراجه من كينونته. لقد بات المجتمع الكردي مجتمعا يخشى تبني ذاته نتيجة للإبادة الثقافية التي عان منها مع اضافه عناصر الحداثة الرأسمالية الثلاثة الأساسية (نهب الربح الاعظمي، ظلم الدولة القومية، والدمار الذي تسببت به الصناعويه عن طريق التكنولوجيا) الى ممارسات واحداث الغزو والاحتلال والاستيلاء والنهب والسلب والاستعمار والصهر التي مر بها على مر تاريخ المدنية. انه مجتمع فقد سيطرته واختياره الحر بشأن اقتصاده (اول اقتصاد مؤسس غذ البشرية في التاريخ)، وخضع لحاكميه وحش عصري ذي ركائز ثلاثية لعناصر متواطئة وغريبه عنه بكل ما للكلمة من معنى. بل حتى ان قيامه بالعمل مقابل سد الجوع (كالسمكة العالقة بشبكه الصيد)، مؤشرا على كونه مجتمعا تابعا لمارب الابادة والتطهير العرقي. انه مجتمع جعلت فيها النساء البانيات لصرح الاقتصاد عاطلات عن العمل كليا، وصيرن صاحبات أبخس انواع الكدح. وهو مجتمع تناثر رجاله في الجهات الأربعة من المعمورة، بغرض اشاعه العائلة حسب ما يزعم. وهو مجتمع يقتل فيه الناس بعضهم بعضا من اجل دجاجه او شبر من الارض. وعليه، ساطع سطوع الشمس ان هذا المجتمع اضحى مجتمعا مجردا من كينونته كمجتمع، ومقوضا ومفككا ومنهارا. الاحتلال الاقتصادي أخطر انواع الاحتلال، واشد الاساليب بربريه في الايقاع بمجتمع ما وتفويضه وتفتيته. فما هو مسلط على المجتمع الكردي يتعدى نطاق قمع الدولة القومية وظلمها، حيث كتمت انفاسه، واخضعت حياته الاقتصادية للرقابة المشددة، وتم الاستيلاء على ادواته والاقتصادية. يستحيل على مجتمع ما ان يواظب على حياته وحريه، بعد افتقاده لزمام التحكم بأدواته الإنتاجية والسوق. والكرد لم يفلتوا من ايديهم نسبه كبيره من زمام الحاكمية على ادوات وعلاقات الانتاج فحسب، بل وانتزع منهم ايضا الاشراف على الانتاج والاستهلاك والتحكم بالتجارة. او بالأحرى، بات صونهم لأملاكهم وانتفاعهم منها، وادائهم دورهم في التجارة والصناعة امرا واردا، بمقدار ما يتبعون للدول القومية الحاكمة بناء على انكار هويتهم. وهكذا صير الاسر الاقتصادية افتك وسيله لإنكار الهوية والحرمان من الحرية. وانا أخص بالذكر الأنشطة الإدارية احاديه الجانب والمتاسسه على المياه المتدفقة ومكامن من النفط، والتي قضت على اشكال وجودهم الثقافي والتاريخي، بقدر قضاءها على اراضيهم المعطاء. وهكذا، فالاستعمار الاقتصادي المزداد تركيزا وحده بعد الاستعماريين السياسي والثقافي، قد اضحى اخر الضربات القاتلة.
وفي المحصلة، فالنقطة التي وصل اليها امست كتالي:<<اخرج من كونك مجتمعا، او مت!>>. لا يقتصر النظام الاقتصادي للامه الديمقراطية على وقف هذه الممارسات البربرية الوحشية فحسب، بل ويعمل اساسا على اعاده بسط المجتمع لسيطرته على الاقتصاد مجددا. وشبه الاستقلال الاقتصادي هو أدنى حدود الوفاق الذي سيحقق بين الدولة القومية والامه الديمقراطية. واي وفاق او حل اخفض مستوى منه، يعد استسلاما يفيد بالعبارة الأمرة<<انته!>>. اما الانتقال بشبه الاستقلال الاقتصادي الى منزله الاستقلال، فيعني بناء دوله قوميه مضادة. وهذا ما فاده في نهاية المال الاستسلام للحداثة الرأسمالية. اما التراجع عن شبه الاستقلال الاقتصادي، لا يتخذ من الرأسمالية الخاصة، ولا من رأسمالية الدولة اساسا له. بل يعمل اساسا بموجب الصناعة الأيكولوجية والاقتصاد الكومونالي باعتبارهما انعكاسا للديمقراطية على حقل الاقتصاد. اما الحدود المرسومة امام الصناعة والتنمية والتكنولوجيا والتشغيل والملكية، فهي حدود كينونة المجتمع الايكولوجي والديمقراطي. بمعنى اخر، لا مكان في شبه الاستقلال الاقتصادي للصناعة والتكنولوجيا والتنمية والملكية والاستقرار الريفي_ المديني الذي يدحض او يرفض الأيكولوجية والمجتمع الديمقراطي. هذا ومحال ترك الاقتصاد ساحة يتحقق عبرها الربح ومراكمه راس المال الى الحدود الدنيا. والى جانب عدم رفضه السوق والتجارة وتنوع الانتاج والرقابة والعطاء، الا انه لا يقبل اطلاقا بنفوذ الربح وتكديس راس المال عليها. ويرضى بسريان النظام المالي تناسبا مع مدى خدمته للعطاء الاقتصادي ونظامه الاجرائي. كما وينظر الى كسب المال من المال على انه أيسر نماذج الاستغلال. ومن غير الممكن ان يجد مثل هذا النوع من الاستغلال مكانا له ضمن نظام شبه الاستقلال الاقتصادي. زد على ذلك انه شبه الاستقلال الاقتصادي للامه الديمقراطية لا يعتبر العمل تعبا مرهقا او اشغالا شاقه، بل ممارسه للتحرر. بمعنى اخر، فمبداه المحوري هو: (العمل حريه). اما اعتبار العمل تعبا وشغلا شاقا، فينبع من الاقتراب عن ثمار الكدح. بالمقابل، فعندما تدخل ثمار الكدح في خدمه الهوية الذاتية وحريه الفرد، يغدو حينها ممارسه ينبغي اثبات جدارتها، ومن صميم القلب. لقد بوركت وقدست الفعاليات الاقتصادية الخالية من الاستغلال ضمن اجواء من بهجه العيد ضمن كافة المجتمعات، وعلى راسها المجتمع النيولوتي. وشبه الاستقلال الاقتصادي للامه الديمقراطية، هو نظام تزدهر فيه ثانيه هذه البهجة. فالسدود المقامة على المياه المتدفقة في كردستان، قد اسفرت عن مجازر تاريخيه وكوارث أيكولوجية بكل معنى الكلمة. ومنه، يستحيل له السماح بإقامه اي سد لا يأبه بالأيكولوجية او الاراضي المثمرة او التاريخ. ومحال فيه انشاء السدود الجديدة منها محل تلك التي ينقضي عمرها. بل ولا ملاذ من وقف وازاله بعضها ان أمكن. انه يقف بروح من النفير العام والتام في وجه تصحير الاراضي وتعريتها، والذي يعد العدو اللدود للمجتمع والاحياء. كما انه يعلن عن حماية التربة وتشجير البيئة على انهما أقدس اشكال الكدح. حيث ان الأنشطة في هاتين الساحتين لوحدهما، تكفي للقضاء على البطالة مدى مئات كامله من السنين. وكيف ما ان الساحة التي تدر الربح الاكثر هي عقد الساحة عمل بالنسبة الى ملاكمه الربح وراس المال ضمن الدولة القومية، فان ساحتي التربة والغابة هم أقدس ساحات العمل في الامه الديمقراطية، كونهما امنتا حياه المجتمع على مدار التاريخ. اذ بمقدور الحياة الاجتماعية الاستمرار بوجودها من دون الرأسمالية والصناعوية. في حين، يستحيل الاستمرار بها من دون الارض والغابة. وبالأصل، فما يتخفى في جذور البطالة الغائرة، هو الاجتثاث من الارض والقرية والغابة على يد الرأسمالية. اما ظاهره اليد العاملة الرخيصة ومستودع البطالة، فهي ظاهره ابتكرتها الرأسمالية بالعنف المقصود كضرورة دائمة لتامين ربحها الاقصى. لذا، في العودة ثانيه الى الارض والتشجير، وباقتضاب الى الحياة الأيكولوجية لا يقضي على البطالة وحسب، بل وينقذنا ايضا من مجتمع المدينة السرطانية. بالتالي، فهو بذلك ينقذ المدينة ايضا. حيث ان المدينة المتضخمة كالورم، هي مرض سرطاني. وبالأساس، فالسرطان الفردي ايضا هو ثمره حياه المدينة السرطانية تلك، مثل ما هي حاله العديد من الامراض الاخرى. وعلى ضوء ذلك، فالعودة الى التربة ونشاط التشجير والزراعة الأيكولوجية وتامين المواد الغذائية، لا تعتبر الحل الرئيسي للبطالة فقط، بل وهي الترياق الشافي لكل امراض الحداثة والمدينة. ينبغي عدم خلط الاقتصاد الكومونالي في شبه الاستقلال الاقتصادي مع رأسمالية الدولة واقتصادها. كما انه لا يشبه جهود التأميم في الاشتراكية المشيدة ايضا. اننا نتحدث عن الوحدات الاقتصادية الانسب لطبيعة الانسان والبيئة. اذ لا مكان في الكينونة للأعمال الشاقة ولا للكدح او العمل الذي يثمر الحرية. نحن نتكلم هنا عن نموذج ومصدر الحياة الجوهرية والذاتية التي اتخذها المجتمع اساسا على مدار التاريخ، واوجد نفسه عن طريقها، وقدسها، واستقبلها بحفاوة وغبطه. حيث يتواجد الاقتصاد الكومونالي في كل مكان يتواجد فيه العطاء والبركة والحماس والبهجة. هذا ومن الضرورة بمكان وجود صياغة قانونيه لشبه الاستقلال الوطنية الكردية. اذ من الواضح جليا استحاله تامين سيرورةKcK من دون بنيه اقتصاديه تحتية. ونسبه سريان القانون المحلي ضمن المجالات الاقتصادية المعنية عن قرب بوجود المجتمع الكردي وحريته، انما تتسم بأهمية مصيريه. ذلك ان القوانين الاقتصادية المحلية اساسيه في شؤون: ترتيب الملكية، ضخامة الشركات، المياه الجارية، الاستفادة من المكامن المعدنية السطحية والباطنية، تأسيس الاسواق، نظام البنوك، بنية الميزانية للإدارات الديمقراطية المحلية، وللضرائب وغيرها من الامور. هذا وبالوسع تحقيق التناغم والتواؤم بين قوانين الاقتصاديين الوطني والمحلي. تتحلى الإدارة الاقتصاديةKcK ببالغ الأهمية. حيث لا قابليه للحياة في مجتمع دعامته الاقتصادية مفلسة. اما الاستقلال الاقتصادي التام، فهو يوتوبيا اقتصاديه يستحيل تحقيقها في اي وقت من الاوقات. اننا في عصر يقبل بالاقتصاد الذي يرتكز الى المنفعة المتبادلة، ويتسم بحيز فسيح من شبه الاستقلال الداخلي. لقد اتضح بجلاء مدى كون الحداثة الرأسمالية نظاما لا طائل منه، ولا يطاق الاستمرار به في عصر راس المال المالي العالمي، نظرا لأنه يهدد البشرية. ومقابل ذلك، يتعين فهم العصرانية الديمقراطية المستندة الى الوحدات الوطنية الديمقراطية على انها النظام البديل الطامح في الخلاص من الازمات الاقتصادية والبطالة والجوع.
يتبع..