الأمة الديمقراطية

كتاب “الأمة الديمقراطية”للقائد عبد الله أوجلان يطرح رؤية جديدة للعلاقة بين الأمة والديمقراطية. يُشدد القائد عبدالله أوجلان على أهمية إنشاء أمة ديمقراطية قائمة على القيم المشتركة، حيث تُعتبر التنوع الثقافي والهوية الوطنية أساسيين لبناء مجتمع متماسك. كما يؤكد على أن الديمقراطية ليست مجرد نظام سياسي، بل هي طريقة حياة تعزز المشاركة والمساواة. يتناول الكتاب أيضًا الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للأمة الديمقراطية، مشددًا على دور المرأة والمجتمع المدني في تحقيق هذه الرؤية.

الأمة الديمقراطية

منشورات مؤسسة العلم والفكر الحر في روج آفا

 

يعبرKCKعن التفسير الديمقراطي غير الدولتي لمبدا حق الشعوب في تقرير مصيرها فيما يتعلق بالقضية  الكردية ، وينبغي تقييمه كتحول جذري على درب حل القضية  الوطنية ، اذ لطالما عمل على حل القضايا الوطنية  التي افرزتها الحداثة الرأسمالية  بالعقلية  والبراديغما  الدولتية القومية والقوموية، وعرضت الدول القومية  بذات نفسها على انها عامل اولي على طريق الحل بحيث ان اول ما يخطر على البال عند ذكر القضية الوطنية، هو فكرة:( لتكن لنا، نحن ايضا ،دولتنا القومية)،  وكاد يتم التفكير بدوله قوميه لكل اثنيه وملة ومن ابتدع هذا الموقف بوجه خاص هو انجلترا التي لهث وراء بسط هيمنتها على الصعيد العالمي والتي تبغي تذليل عراقيل الدول العظمى المنتصبة امامها كالإمبراطوريات، وكذلك الدول الصغيرة  التي تتعثر بها كدول المدن وتهدف الى مزاوله سياسه فرق تسد ميدانيا حيث ان الدول القومية ترتيب لسلطة الهيمنة المبنية على النظام الرأسمالي،  وافضل ترتيب للدولة التي تؤمن الربح الاعظمي والصناعوية ،ولكي تدرك الدول القومية بعين صائبة يجب تحليل مكانتها ضمن النظام المهيمن وعرائها التي تربطها بالرأسمالية  والصناعوية . فالقول ببناء دوله لكل اثنية او مذهب او قوم يفيد بعولمة الرأسمالية ويدل بالتالي على الاسهام في الارتقاء بالاستغلال والدمار الايكولوجي الى اقصى الدرجات وقد شددنا بإلحاح على ان عمليه الاسهام هذه هي التي آلت بالاشتراكية المشيدة اساسا الى الانهيار. وحاولنا تحليل كون هذا الموقف هو الذي يكمن ضمنيا وراء الانسداد الذي عاناه (pkk)بصدد القضية القومية كونه اعتمد على نظام الاشتراكية المشيدة اساسا بداية انطلاقته ونوهنا الى ان(pkk)قد قدم نقده الذاتي محققا تحوله المطلوب في هذا المضمار. ويتجسد النهج الام للتحول بشان القضية الوطنية في التراجع عن الحل الدولتي القومي والعمل اساسا بالحل الديمقراطي البديل والحل الديمقراطي بدوره يعبر عن البحث عن دمقرطة المجتمع خارج اطار الدولة القومية وعلى صعيد الاصطلاح فهو يقيم الدولة القومية والرأسمالية  على انهما مصدر القضايا الاجتماعية المستفحلة والمتكاثرة  وليستا حلا لها يشكل ربط حل القضايا الوطنية والاجتماعية بالدولة القومية الجانب الاكثر جورا وتعسفا في الحداثة فعقد الحل على الأداة  التي تشكل مصدر القضايا بالتحديد انما يؤدي الى استفحال وتعاظم القضايا كالتيهور والى تفشر فوضى الاجتماعية ذلك ان الرأسمالية بذات نفسها هي الطور الاكثر تأزما” من بين اطوار نظم المدنية والدولة القومية هي ارقى اشكال تنظيم العنف المبتكر على مدى تاريخ المجتمعات والذي دخل جدول الاعمال في هذا الطور المتأزم انها تعني تطويق عنف السلطة للمجتمع برمته وهي اداه توحيد المجتمع والبيئة اكراها بعدما عرضتهما الرأسمالية الى الانحلال والتقوض من خلال الربح الاعظمي والصناعوية اما شحنها بمقدار مفرط وفاحش من العنف فيتأتى من نزوع النظام الرأسمالي الى الربح الاعظمي والمراكمة المتواصلة حيث يستحيل تفعيل قوانين التكديس الرأسمالي او تامين سيرورة الصناعوية في حال غياب تنظيم عنفي من قبيل نمط الدولة القومية وعليه يواجه المجتمع والبيئة حاله تناثر وتبعثر تام في عصر الرأسمالية المالية العالمية التي تعد اخر مرحله تم بلوغها فالأزمات التي كانت دوريه في بدايتها اكتسبت طابعا دائميا وبنيويا وفي هذه الحالة فقد تحولت الدولة القومية بعينها ايضا الى عائق يغلق النظام القائم ويسده كليا وهكذا فحتى الرأسمالية التي تعتبر بنفسها بنية متأزمة  قد ادرجت موضوع الخلاص من عائق الدولة القومية على راس اجندتها ان حاكميه الدولة القومية ليست فقط مصدرا للقضايا الاجتماعية بل وهي في الوقت عينه حجر عثره اساسي على درب حلها وقيام الطبقة الرأسمالية الحاكمة بتصور نظام كهذا على انه اداه الحل بالنسبة للمجتمع والشعوب والكادحين هو امر يخالف طبيعة المجتمع،  بل ويعني انكارها بناء عليه يتعين اتخاذ النموذج الديمقراطي اساسا في حل القضايا الوطنية. التي هي اهم جزء من القضايا الاجتماعية، وذلك انطلاقا من طبيعة المجتمع والشعوب والكادحين من جهة وبسبب اعاقه الدولة القومية  للنظام المهيمن من الجهة الثانية ان نموذج الحل الديمقراطي ليس مجرد خيار حل فقط بل هو اسلوب الحل الاول ولئن كانت الحركات الاشتراكية  والتحررية  الوطنية تروم الى احراز النجاح فعليها عدم البحث عن الحل خارج نطاق الديمقراطية بينما كافه الميول الديكتاتورية بيمينها ويسارها ومركزها لن تقوم الا بتجذير وتوطيد حاله العقم وبتصيير الرأسمالية نهابه وسلابه وافتراضيه اكثر هذا وينبغي عدم تصور نموذج الحل الديمقراطي على انه دوله قوميه موحده صائره في هيئه فيدرالية او كونفدراليه اي ان الحالة الفيدرالية او الكونفدرالية للدولة القومية ليست بحل ديمقراطي بل انها حلول مختلفة من اشكال الدولة ولن تذهب في دورها ابعد من زياده وطأة القضايا مره اخرى قد يكون تحويل الدولة القومية المركزية الصارمة الى اشكال فيدرالية او كونفدراليه سيطوع القضايا ويجلب حلولا نسبية لها وفق منطقه النظام الرأسمالي ولكنه محال ان يفضي الى حلول جذريه بالإمكان اختبار وتجريب الاشكال الفيدرالية  والكونفدرالية كأدوات حل فيما بين قوى الحل الديمقراطي وقوى الدولتية القومية لكن عقد الامل على الحلول الجذرية تأسيسا على استخدام تلك الادوات لا يعني سوى خداع الذات وتظليلها ثانيه ونحن على علم بان شكل الدولة الذي اسميناه بالدولة التحررية الوطنية او بدوله الاشتراكية المشيدة ما هو سوى دوله قوميه مموهه بالقناع اليساري حيث تبدى للعيان جليا” انها انظمه اكثر دكتاتوريه وانفتاحا على الفاشية من عظيم الأهمية التبيان بان نموذج الحل الديمقراطي ليس منفصلا كليا عن الدولة القومية اذ بمقدوره الديمقراطية والدولة القومية ان تلعب دور هما كسيادتين تحت السقف السياسي عينه والدستور الديمقراطي هو الذي يرسم الحدود الفاصلة بين مساحتين نفوذهما والى جانب خطو الاتحاد الاوروبي بعض الخطوات في هذا المنحى الا ان الجانب الطاغي هنا هو سيطرة الدولة القومية لكن الميل السائد في عموم ارجاء العالم هو في اتجاه تجاوز الدولة القومية ويستند اهم تحول سياسي يشهده العالم الى تخطي الدولة القومية نظريا وعمليا وبقدر ما يصير  الحل الديمقراطي نفسه نظاما وشبه مستقل فسيساهم بالمثل حينها في انجاز التحول السياسي وتحولت دوله في الاتجاه الايجابي انما هو متعلق عن كثب بتحقيق الد مقرطة وشبه الاستقلال الديمقراطي وانشاء الامه الديمقراطية واحلال الديمقراطية المحلية  وارساء ثقافه الديمقراطية في المجالات الاجتماعية قاطبة.

kckهو التعبير الملموس للحل الديمقراطي في سياق القضية الكردية وهو مختلف عن المواقف التقليدية ولا يرى الحل في اقتطاع حصته من الدولة. بل وحتى انه لا يهرع وراء دوله للكرد بمعناها شبه الاستقلالي وكما انه لا يتطلع الى بناء دوله فيدرالية او كونفدراليه فهو ايضا لا يعتبرها حلا خاصا به هم طلبه الاول من الدولة هو اعترافها بحق الكرد في اداره انفسهم بأنفسهم وبإرادتهم  الحرة وعدم زرعها العراقيل على درب تحولهم الى مجتمع وطني ديمقراطي فاذا كانت الدولة القومية الحاكمة ملتزمة بالمبدأ الديمقراطي فعلا لا قولا فحتى لو لم تناشر المجتمع الديمقراطي فعليها الا تعيقه  او تفرض عليه الحظر لا تطور الدولة او الحكومات الحل الديمقراطي بل ان القوى الاجتماعية بالتحديد هي المسؤولة عن الحل حيث تبحث عن الوفاق مع الدول او الحكومات على هدى الدستور الديمقراطي اي ان تشاطر الادارة  والتوجيه بين القوى الاجتماعية  الديمقراطية وقوى الدولة او الحكومة المعنية يتم تحديده بالدساتير ومثل ما انه ليس واقعيا المطالبة بالحكم المطلق للدولة او بالسيادة  المطلقة للديمقراطية فهو امر مخالف لروح الحل ايضا الحل الديمقراطي هو في صلبه كينونة الامه الديمقراطية وظاهره انشاء المجتمع لذاته كمجتمع وطني ديمقراطي اي انه لا يعني التحول الى امه او الخروج منها بيد الدولة بل يعني انفتاح المجتمع بذات نفسه من حقه في انشاء نفسه كامه ديمقراطية والحال هذه يتعين اعاده تعريف الامه يتوجب اولا الإشارة  الى عدم وجود تعريف واحد فقط للامه فلدى انشائها بيد الدولة القومية فان اعم تعريف الامه هي انها امه الدولة واذا كان الاقتصاد هو العامل الموحد لصفوفها فبالمقدور تسميتها بأمه السوق في حين ان الامه التي يسود فيها القانون هي امه القانون كما وبالمستطاع اطلاق تسميات الامه السياسية والامه الثقافية ايضا اما المجتمع الذي يوحده الدين فيسمى بالأساس مله والامه هي مجموعه الملل المنضوية تحت مظلة الدين عينه الذي وحدها اما الامه الديمقراطية فهي المجتمع المشترك الذي يكونه الافراد الاحرار والمجموعات الحرة بأراداتهم الذاتية . والقوى اللاحمة والموحدة في الامه الديمقراطية هي الإرادة  الحرة لإفراد  ومجموعات المجتمع الذي قرر الانتماء الى نفس الامه. بينما المفهوم الذي يربط بين الامه والاشتراك في اللغة والثقافة والسوق والتاريخ فهو يعرف امه الدولة والتي لا يمكن تعميمها اي طرحها كمفهوم وحيد ومطلق للامه. ومفهوم الامه هذا والذي يتبنى الاشتراكية المشيدة هو مضاد للامه الديمقراطية. ونخص بالذكر ان هذا التعريف الذي ساقه ستالين بشان روسيا السوفيتية هو احد اهم الاسباب الكامنة وراء انهيار الاتحاد السوفيتي. وان لم يتحقق تخطي تعريف الامه هذا الذي صبغته الحداثة الرأسمالية بالطابع المطلق فان حل القضايا الوطنية سيستمر في المعاناة من حاله تأزم لا مخرج منها بكل معنى الكلمة. وكون القضايا الوطنية لا تنفك مستمرة حتى الان وبكل وطأتها طيلة سياق يمتد لأكثر من ثلاثة قرون بأكملها انما هو على علاقه وثيقه بهذا التعريف الناقص والمطلق. وهذا النمط من المجتمعات الوطنية التي قدر لها الخضوع لحدود الدولة القومية الصارمة والتي تقلقلت السلطة حتى في ادق خلاياها كادت ان تصبح ساذجة ومغفلة بقصفها بألايديولوجيات القومية والدينوية  والجنسوية والوضعية. اي ان موديل الدولة القومية بالنسبة الى المجتمعات هو مصيده او شبكه قمع واستغلال بكل معنى الكلمة. في حين ان مصطلح الامه الديمقراطية يقلب هذا التعريف راسا على عقب. فتعريف الامه الديمقراطية غير المرسومة بحدود سياسيه قاطعه والغير منحشرة بمنظور واحد فقط للغة او الثقافة او الدين او التاريخ انما تعبر عن شراكه الحياه التي يسودها التعاضد والتعاون فيما بين المواطنين والمجموعات على خلفيه التعددية والحرية والمساواة. هذا ويستحيل تحقيق المجتمع الديمقراطي ،الا من خلال نموذج كهذا الامه. في حين ان مجتمع الدولة القومية منغلق على الديمقراطية وحكم طبيعته. حيث ان الدولة القومية لا تعبر عن واقع مناطقي ولا كوني. بل على النقيض ،فهي تعني انكار كل ما هو كوني او مناطقي محلي. ذلك ان مواطنه المجتمع النمطي دليل على موت الانسان. ومقابل ذلك، فألام  الديمقراطية تمكن من اعاده انشاء المناطقي  والكوني ،وتؤمن للواقع الاجتماعي فرصه التعبير عن نفسه. اما تعاريف الامم الأخرى ،فجميعها تحتل اماكنها بين هذين النموذجين الرئيسيين. بالرغم من التعاريف المترامية  الافاق بصدد نماذج انشاء الامه ،الا انه بالمستطاع صياغه تعريف عام يشملها جميعا. الا وهو التعريف القائل بكون الامه معنيه بالذهنية والوعي والعقيدة . والامه في هذه الحالة  هي مجموعه من الناس الذين يتشاطرون عالما ذهنيا مشتركا. وعليه، فحدود الدين واللغة والثقافة والسوق والتاريخ والسياسة ليست معينه في تعريف الامه هذه ،بل تؤدي دورا مجسما لا اكثر. وتعريف الامه في الاساس بناء على حاله ذهنيه ما، يتسم بطابع ديناميكي. وبينما تترك القومية  بصماتها على الذهنية  المشتركة لدى امه الدولة ،فإنما  يضفي  صبغته على الامه الديمقراطية هو وعي الحرية والتعاضد. لكن تعريف الامم بالحالات الذهنية  فحسب ،يبقي ذاك التعريف معلولا ناقصا. فكيف ما انه لا وجود للذهنيات من دون جسد ،فالأمم   ايضا غير ممكنه الا بوجود الجسد. وجسد الامم ذات الذهنية القوموية ،هي مؤسسه الدولة. وبالأصل ،تسمى مثل تلك الامم بالدولة  القومية انطلاقا من بدنها ذاك وعندما تتقى المؤسسات القانونية او الاقتصادية ،فبالمقدور تمييز مثل تلك الامم بنعتها بأمه السوق او امه القانون. اما بدن الامم المتحورة حول الحرية والتعاضد ،فهو شبه الاستقلال الديمقراطي. هي ان شبه الاستقلال الديمقراطي يعني اساسا قيام الافراد والمجموعات التي تتشاطر ذهنيات متقاربه بإدارة  نفسها بإرادتها الحرة. هذا وبالإمكان تسميه ذلك بالإدارة الديمقراطية او الاقتدار الديمقراطي. وهو تعريف منفتح على الكونية . وعلى ضوء هذه التعاريف العامة بشان الامة ،فإن(kck) يرفض المواقف الدولتية القومية  في حل القضية الوطنية الكردية ،ويعمل اساسا بمقتضى تجسيد النموذج الوطني الديمقراطي وحق الكرد في التحول الى امه او الى ظاهره المجتمع الوطني مجسما في هيئه شبه الاستقلال الديمقراطي. ما يسري هنا هو تعريف امه بجسد واحد منفتح على تعريف امه عليها تتألف بمعيه الامم الاخرى كالأمة التركية على سبيل المثال. هذا وبالإمكان توسيع نطاق تعريف الامه العليا ، بحيث تحتضن العديد من الامم بين طواياها. وباستطاعتنا تصور الامه الاسلامية نموذجا بدئيا لهذا التعريف. فترجح كفه الاحتمال باتجاه توحيد الثقافات الاجتماعية للشرق الاوسط في بوتقة  ملة ـ امه مشتركه امه مستحدثه، عاجلا كان ام اجلا.

يتبع …

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.